تأخر النطق رحلة من الصمت إلى الثقة

تأخر النطق: رحلة من الصمت إلى الثقة

نشر

تأخر النطق يمثل واحداً من أكثر المشاكل التطورية شيوعاً التي تؤثر على الأطفال في جميع أنحاء العالم، مع تداعيات عميقة تمتد إلى ما هو أبعد من صعوبات التواصل البسيطة. هذه الحالة تمس جوهر الترابط الإنساني والتعلم والرفاهية النفسية، مما يجعلها مجالاً بالغ الأهمية للتركيز عليه من قبل المختصين في الصحة النفسية والمعلمين والأسر على حد سواء.

ما هو تأخر النطق

تأخر النطق يشير إلى حالة يتأخر فيها نمو النطق واللغة لدى الطفل بشكل كبير عن المعالم التطورية المحددة لفئته العمرية. على عكس صعوبات التواصل المؤقتة التي يواجهها العديد من الأطفال، يمثل تأخر النطق نمطاً مستمراً حيث يُظهر الطفل اكتساباً أبطأ لأصوات الكلام أو المفردات أو القواعد النحوية أو مهارات التواصل العامة مقارنة بأقرانه.

عادة ما يتم تحديد هذه الحالة عندما يفشل الأطفال في تحقيق معالم التواصل الرئيسية، مثل إنتاج الكلمات الأولى بحلول عمر 12-15 شهراً، أو دمج الكلمات بحلول عمر 18-24 شهراً، أو تطوير النطق المفهوم بحلول سن الثالثة. يشمل تأخر النطق جوانب مختلفة من التواصل، بما في ذلك اللغة التعبيرية (التحدث)، واللغة الاستقبالية (الفهم)، والنطق (إنتاج أصوات الكلام)، واللغة العملية (مهارات التواصل الاجتماعي).

من المهم التمييز بين تأخر النطق واضطرابات النطق. بينما ينطوي تأخر النطق على نمو أبطأ على المسارات النمطية، قد تتضمن اضطرابات النطق أنماطاً غير طبيعية للنمو أو ضعف محدد في مجالات معينة من التواصل. ومع ذلك، يمكن لكلا الحالتين أن تؤثر بشكل كبير على الصحة النفسية والتطور العام للطفل.

ما اسباب تأخر النطق

امنح طفلك القوة للتعبير عن نفسه بثقة – احجز جلستك النفسية اليوم واكتشف كيف يمكن لكلماته أن تفتح له أبواب المستقبل. سببية تأخر النطق متعددة الأوجه، وتتضمن تفاعلات معقدة بين العوامل البيولوجية والبيئية والتطورية. فهم هذه الأسباب أمر بالغ الأهمية لتطوير استراتيجيات تدخل فعالة ودعم الرفاهية العامة للأطفال.

العوامل العصبية البيولوجية

تشير الأبحاث إلى أن تأخر النطق يمكن أن ينبع من حالات عصبية بيولوجية مختلفة. تمثل ضعف السمع واحداً من أكثر الأسباب شيوعاً، حيث يحتاج الأطفال إلى مدخلات سمعية كافية لتطوير أنماط النطق الطبيعية. حتى فقدان السمع الخفيف أو المتقطع، مثل ذلك الناجم عن التهابات الأذن المزمنة، يمكن أن يؤثر بشكل كبير على تطور النطق خلال الفترات الحرجة.

تلعب الاضطرابات التطورية أيضاً دوراً مهماً. غالباً ما تظهر اضطرابات طيف التوحد مع تأخير في النطق واللغة كأعراض مبكرة، إلى جانب تحديات التواصل الاجتماعي. يمكن أن تؤثر الإعاقات الذهنية على العمليات المعرفية اللازمة لاكتساب اللغة واستخدامها. بالإضافة إلى ذلك، غالباً ما تتضمن الحالات الجينية المحددة، مثل متلازمة داون أو متلازمة الكروموسوم X الهش، صعوبات في النطق واللغة كجزء من ملفها التطوري الأوسع.

يمكن أن تساهم الحالات العصبية التي تؤثر على مناطق الدماغ المسؤولة عن معالجة النطق واللغة أيضاً في التأخير. قد تشمل هذه الحالات الشلل الدماغي أو إصابة الدماغ الرضحية أو الشذوذات التطورية في مناطق مثل منطقة بروكا أو فيرنيكه، والتي تعتبر حاسمة لإنتاج الكلام وفهمه.

العوامل البيئية والاجتماعية

تلعب البيئة التي ينمو فيها الطفل دوراً حاسماً في اكتساب النطق واللغة. يمكن أن يؤثر التعرض المحدود للبيئات الغنية باللغة بشكل كبير على التطور. الأطفال الذين يواجهون تفاعلاً لفظياً غير كافٍ أو نقص في أنشطة القراءة أو تعرض محدود لمفردات متنوعة قد يطورون تأخيراً في النطق.

تؤثر العوامل الاجتماعية والاقتصادية أيضاً على تطور النطق. قد تواجه الأسر التي تواجه صعوبات اقتصادية وصولاً محدوداً إلى الموارد التعليمية أو الكتب أو الأنشطة الإثرائية التي تعزز تطور اللغة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تؤثر مستويات الضغط العالية في الأسرة، والتي غالباً ما تصاحب الصعوبات الاقتصادية، على تفاعلات الوالدين والطفل وجودة التعرض للغة.

يمكن أن تؤدي البيئات متعددة اللغات، رغم كونها مفيدة في النهاية، أحياناً إلى تأخير مؤقت بينما يتنقل الأطفال عبر أنظمة لغوية متعددة. ومع ذلك، من المهم ملاحظة أن البيئات متعددة اللغات الحقيقية تدعم عادة تطوراً قوياً للغة بمجرد مرور فترات التكيف الأولية.

العوامل النفسية والعاطفية

يمكن أن تؤثر حالات الصحة النفسية لدى الأطفال بشكل كبير على تطور النطق. قد تتسبب اضطرابات القلق في أن يصبح الأطفال صامتين بشكل انتقائي أو مترددين في التواصل في مواقف معينة. الاكتئاب، رغم كونه أقل شيوعاً في الأطفال الصغار جداً، يمكن أن يؤثر على الدافعية للمشاركة في التواصل الاجتماعي.

يمكن أن تؤثر الصدمات والتجارب السلبية في الطفولة بشكل عميق على تطور النطق. الأطفال الذين تعرضوا للإهمال أو الإساءة أو اضطراب أسري كبير قد يظهرون تأخيراً في مهارات التواصل. يمكن أن يؤثر الضغط المرتبط بالتجارب الصادمة على نمو الدماغ في المناطق الحاسمة لمعالجة اللغة.

ما اعراض تأخر النطق

يظهر تأخر النطق من خلال سلوكيات مختلفة قابلة للملاحظة ومعالم تطورية مفقودة. التحديد المبكر لهذه الأعراض أمر بالغ الأهمية للتدخل في الوقت المناسب ومنع المضاعفات النفسية الثانوية.

علامات الإنذار المبكر

في الرضع والأطفال الصغار، يجب على الآباء ومقدمي الرعاية أن يكونوا متيقظين لعدة مؤشرات رئيسية. قد يشير عدم المناغاة بحلول 6-9 أشهر إلى مخاوف محتملة، حيث تمثل المناغاة مقدمة مهمة لتطور النطق. غياب الكلمات الأولى بحلول 12-15 شهراً أو الفشل في دمج الكلمات بحلول 18-24 شهراً هي علامات حمراء مهمة.

بحلول عمر السنتين، يجب أن يكون لدى الأطفال عادة مفردات تتكون من 50 كلمة على الأقل والبدء في دمجها في عبارات بسيطة. الأطفال الذين يعانون من تأخر النطق قد يظهرون مفردات أصغر بكثير، أو يعتمدون بشكل كبير على الإيماءات بدلاً من الكلمات، أو يظهرون صعوبة في اتباع التعليمات البسيطة.

أنماط التواصل

غالباً ما يظهر الأطفال الذين يعانون من تأخر النطق أنماط تواصل مميزة. قد يظهرون اعتماداً أكبر على التواصل غير اللفظي، مثل الإشارة أو الإيماء أو قيادة البالغين إلى الأشياء المرغوبة بدلاً من استخدام الكلمات. كلامهم، عندما يكون موجوداً، قد يكون صعب الفهم للمستمعين غير المألوفين، مع نطق غير واضح أو أنماط نحوية مبسطة.

كما يظهر العديد من الأطفال الذين يعانون من تأخر النطق إحباطاً عند محاولة التواصل، مما يؤدي أحياناً إلى نوبات سلوكية أو انسحاب من المواقف الاجتماعية. استجابة الإحباط هذه مهمة بشكل خاص من منظور الصحة النفسية، حيث يمكن أن تساهم في تطوير صعوبات عاطفية ثانوية.

المظاهر الأكاديمية والاجتماعية

عندما يدخل الأطفال البيئات المدرسية، يمكن أن يظهر تأخر النطق في صعوبات أكاديمية مختلفة. مهارات القراءة والكتابة، التي تبنى على أسس اللغة الشفهية، قد تتأثر بشكل كبير. قد يواجه الأطفال صعوبة في الوعي الصوتي أو فهم المفردات أو المهارات السردية اللازمة للنجاح الأكاديمي.

تصبح المظاهر الاجتماعية واضحة بشكل متزايد في البيئات الجماعية. قد ينسحب الأطفال الذين يعانون من تأخر النطق من تفاعلات الأقران، أو يظهرون ترددaً في المشاركة في الأنشطة الجماعية، أو يواجهون صعوبة في تكوين صداقات بسبب حواجز التواصل.

حجز جلسة نفسية مع نفسي اونلاين
نفسي اونلاين – جلسة نفسية

ما تأثير تأخر النطق على الصحة النفسية 

يمتد تأثير تأخر النطق إلى ما هو أبعد من صعوبات التواصل، مؤثراً بشكل عميق على الرفاهية النفسية للأطفال والتطور الاجتماعي ووظائف الحياة العامة. فهم هذه التأثيرات أمر بالغ الأهمية لتطوير مناهج تدخل شاملة تتناول احتياجات التواصل ومخاوف الصحة النفسية.

التأثير النفسي

يواجه الأطفال الذين يعانون من تأخر النطق بشكل متكرر عواقب نفسية كبيرة يمكن أن تستمر حتى سن البلوغ إذا لم تتم معالجتها بشكل صحيح. تدني احترام الذات يمثل واحداً من أكثر التأثيرات النفسية شيوعاً، حيث يصبح الأطفال واعين بشدة لاختلافاتهم في التواصل مقارنة بالأقران. هذا الوعي غالباً ما يتطور في وقت مبكر من عمر ما قبل المدرسة، عندما يبدأ الأطفال في إجراء مقارنات اجتماعية.

اضطرابات القلق أكثر انتشاراً بشكل كبير بين الأطفال الذين يعانون من تأخر النطق مقارنة بعموم السكان. القلق الاجتماعي، على وجه الخصوص، يمكن أن يتطور عندما يتوقع الأطفال فشل التواصل أو ردود فعل سلبية من الآخرين. قد يظهر قلق الأداء في البيئات الأكاديمية، حيث تُتوقع المشاركة اللفظية ويتم تقييمها.

يمكن أن تظهر أعراض الاكتئاب أيضاً، خاصة في الأطفال الأكبر سناً والمراهقين الذين واجهوا صعوبات تواصل مزمنة. مشاعر عدم الكفاءة والعزلة الاجتماعية والإحباط الأكاديمي يمكن أن تساهم في نوبات اكتئابية تتطلب تدخل صحة نفسية مهنية.

العواقب الاجتماعية والعلاقاتية

يؤثر تأخر النطق بشكل كبير على التطور الاجتماعي وتكوين العلاقات. قد يواجه الأطفال صعوبة في إقامة وصيانة علاقات الأقران بسبب حواجز التواصل. هذه العزلة الاجتماعية يمكن أن تصبح دورية، حيث يحد التفاعل الاجتماعي المقلل من فرص ممارسة اللغة وتطويرها أكثر.

قد تتأثر العلاقات الأسرية أيضاً، حيث يواجه الآباء والأشقاء أحياناً صعوبة في فهم والتواصل بفعالية مع الطفل. غالباً ما تزيد مستويات الضغط الأسري بينما يتنقل الآباء عبر الأنظمة التعليمية، ويسعون للحصول على تدخلات مناسبة، ويتعاملون مع إحباط الطفل واستجاباته السلوكية.

التداعيات الأكاديمية والمهنية

يمكن أن تكون العواقب الأكاديمية لتأخر النطق عميقة وطويلة الأمد. مهارات اللغة تشكل الأساس لجميع التعلم الأكاديمي تقريباً، من فهم القراءة إلى مسائل الرياضيات اللفظية. غالباً ما يحتاج الأطفال الذين يعانون من تأخر النطق إلى دعم تعليمي متخصص وقد يواجهون صعوبة في التقييمات المعيارية التي تعتمد بشكل كبير على المهارات اللفظية.

يمكن أن تشمل التداعيات المهنية طويلة الأمد خيارات مهنية محدودة، خاصة في المجالات التي تتطلب مهارات تواصل قوية. ومع ذلك، مع التدخل والدعم المناسبين، يحقق العديد من الأفراد الذين يعانون من تأخر النطق المبكر نجاحاً أكاديمياً ومهنياً كبيراً.

التنظيم السلوكي والعاطفي

غالباً ما يواجه الأطفال الذين يعانون من تأخر النطق صعوبات في التنظيم العاطفي والتحكم السلوكي. يمكن أن يؤدي إحباط عدم القدرة على التواصل بفعالية إلى نوبات غضب أو سلوكيات عدوانية أو انسحاب. هذه الاستجابات السلوكية يمكن أن تخلق تحديات إضافية في البيئات التعليمية والاجتماعية، مما قد يؤدي إلى إجراءات تأديبية تزيد من تعقيد صعوبات الطفل.

كيف اطلب المساعدة لعلاج تأخر النطق

إدراك متى يجب طلب المساعدة المهنية لتأخر النطق أمر بالغ الأهمية للحصول على نتائج مثلى. التدخل المبكر يحسن بشكل كبير من التوقعات ويمكن أن يمنع العديد من مضاعفات الصحة النفسية الثانوية المرتبطة بصعوبات التواصل غير المعالجة.

متى يجب طلب التقييم المهني

يجب على الآباء ومقدمي الرعاية النظر في التقييم المهني إذا كان طفلهم يفشل باستمرار في تحقيق معالم التواصل المناسبة للعمر أو يظهر تراجعاً في المهارات المكتسبة سابقاً. العلامات الحمراء التي تتطلب اهتماماً فورياً تشمل عدم الاستجابة لاسمهم بحلول 12 شهراً، وغياب الإشارة أو الإيماء بحلول 12 شهراً، وعدم وجود كلمات مفردة بحلول 16 شهراً، أو عدم وجود عبارات من كلمتين بحلول 24 شهراً.

بالإضافة إلى ذلك، يجب أن تدفع المخاوف حول فهم الطفل للغة أو مهارات التواصل الاجتماعي أو التغيرات السلوكية الكبيرة المرتبطة بمحاولات التواصل إلى الاستشارة المهنية.

أنواع المهنيين والتقييمات

يمثل أخصائيو أمراض النطق واللغة المهنيين الأساسيين المدربين لتقييم وعلاج تأخر النطق. هؤلاء المتخصصون يقومون بتقييمات شاملة تفحص جميع جوانب التواصل، بما في ذلك اللغة الاستقبالية والتعبيرية والنطق والطلاقة والمهارات العملية.

يلعب أخصائيو السمعيات دوراً حاسماً في استبعاد ضعف السمع الذي قد يساهم في تأخر النطق. يجب إجراء تقييمات سمعية شاملة في وقت مبكر من عملية التقييم لضمان أن فقدان السمع ليس عاملاً أساسياً.

قد يشارك علماء النفس والأطباء النفسيون عندما يتزامن تأخر النطق مع مخاوف سلوكية أو عاطفية أو تطورية. يمكن لهؤلاء المهنيين تقييم اضطرابات طيف التوحد أو الإعاقات الذهنية أو صعوبات الانتباه أو حالات الصحة النفسية التي قد تؤثر على تطور التواصل.

يقدم أطباء الأطفال التطوريون الإشراف الطبي ويمكنهم تحديد الحالات الطبية الأساسية التي قد تساهم في تأخر النطق. غالباً ما ينسقون الرعاية بين مختلف المتخصصين ويقدمون للأسر تقييمات تطورية شاملة.

خدمات التدخل المبكر

توفر العديد من البلدان والمناطق خدمات التدخل المبكر للأطفال الذين يعانون من تأخير تطوري، بما في ذلك صعوبات النطق واللغة. هذه الخدمات، المتاحة غالباً من الولادة حتى سن الثالثة، توفر دعماً محورياً حول الأسرة يتناول احتياجات التواصل للطفل وقدرة الأسرة على دعم التطور.

عادة ما يتضمن التدخل المبكر خدمات منزلية أو مركزية تعلم الآباء ومقدمي الرعاية استراتيجيات لتعزيز تطور اللغة في البيئات الطبيعية. هذا المنهج يدرك الدور الحاسم الذي تلعبه الأسر في دعم نمو التواصل لدى أطفالهم.

مناهج العلاج والتدخلات

يتطلب العلاج الفعال لتأخر النطق مناهج فردية مبنية على الأدلة تتناول صعوبات التواصل ومخاوف الصحة النفسية المرتبطة. يجب أن تكون خطط العلاج شاملة ومحورية حول الأسرة وحساسة للتنوع الثقافي واللغوي.

علاج النطق واللغة

يمثل علاج النطق واللغة المباشر حجر الزاوية في العلاج لمعظم الأطفال الذين يعانون من تأخر النطق. تختلف مناهج العلاج اعتماداً على احتياجات الطفل المحددة وعمره والأسباب الكامنة للتأخير. غالباً ما يكون العلاج القائم على اللعب أكثر فعالية للأطفال الصغار، حيث يدمج أهداف التواصل في أنشطة ممتعة ومحفزة.

بالنسبة للأطفال الذين يعانون من صعوبات النطق، قد يركز العلاج على تعليم الإنتاج الصحيح للأصوات من خلال النمذجة والممارسة والتغذية الراجعة. يتناول علاج اللغة تطوير المفردات ومهارات القواعد والقدرات السردية من خلال الأنشطة المنظمة ومناهج التعليم الطبيعية.

قد تكون استراتيجيات التواصل المعززة والبديلة (AAC) مفيدة للأطفال الذين يعانون من تأخر النطق الشديد. هذه المناهج، التي يمكن أن تشمل أنظمة التواصل بالصور أو لغة الإشارة أو الأجهزة الإلكترونية، توفر وسائل بديلة للتواصل بينما تدعم استمرار تطور النطق.

التدخلات المحورية حول الأسرة

تظهر الأبحاث باستمرار أن مشاركة الأسرة أمر بالغ الأهمية للحصول على نتائج علاجية مثلى. برامج تدريب الآباء تعلم الأسر استراتيجيات لتعزيز تطور اللغة خلال الروتين والأنشطة اليومية. هذه المناهج تدرك أن الأطفال يتعلمون اللغة بشكل أكثر فعالية من خلال التفاعلات ذات المعنى مع مقدمي الرعاية المألوفين.

قد يكون العلاج الأسري مفيداً عندما يخلق تأخر النطق ضغطاً كبيراً أو صعوبات في العلاقات داخل النظام الأسري. يمكن أن يساعد الدعم العلاجي الأسر على تطوير استراتيجيات تواصل فعالة والتعامل مع التحديات العاطفية المرتبطة بالتأخير التطوري.

التدخلات التعليمية

تلعب التدخلات المدرسية دوراً حاسماً في دعم الأطفال الذين يعانون من تأخر النطق. يمكن أن توفر برامج التعليم الفردية (IEPs) أو خطط 504 تعليماً متخصصاً وتسهيلات وخدمات ذات صلة داخل البيئات التعليمية.

قد تشمل التعديلات الصفية المقاعد المفضلة والدعم المرئي والوقت الممدد للاستجابات اللفظية وطرق التقييم البديلة. الاستشارة التعاونية بين أخصائيي أمراض النطق واللغة والمعلمين تضمن دمج أهداف التواصل في التعليم الأكاديمي.

دعم الصحة النفسية

كل كلمة يتعلمها طفلك اليوم، هي خطوة نحو مستقبل أكثر إشراقاً – ابدأ رحلة التحول مع جلسة نفسية متخصصة من نفسي اونلاين

معالجة جوانب الصحة النفسية لتأخر النطق أمر ضروري للعلاج الشامل. يمكن للعلاج المعرفي السلوكي المتكيف للأطفال أن يساعد في معالجة القلق وتدني احترام الذات والاكتئاب الذي قد يصاحب صعوبات التواصل.

يمكن أن يكون تدريب المهارات الاجتماعية مفيداً بشكل خاص، حيث يعلم الأطفال استراتيجيات لبدء التفاعلات والحفاظ على المحادثات والتنقل في المواقف الاجتماعية رغم تحديات التواصل. مناهج العلاج الجماعي توفر فرصاً للتفاعل مع الأقران والدعم المتبادل.

الدعم التكنولوجي والبيئي

تقدم التكنولوجيا الحديثة أدوات عديدة لدعم الأطفال الذين يعانون من تأخر النطق. أجهزة توليد الكلام وتطبيقات الأجهزة اللوحية وبرامج الكمبيوتر يمكن أن توفر فرص ممارسة إضافية وطرق تواصل بديلة.

يمكن أن تدعم التعديلات البيئية في البيئات المنزلية والمدرسية أيضاً تطور التواصل. قد تشمل هذه تقليل الضوضاء في الخلفية وتوفير الدعم المرئي وخلق بيئات غنية بالتواصل تشجع التفاعل اللفظي.

التوقعات والنتائج طويلة الأمد

تختلف التوقعات طويلة الأمد للأطفال الذين يعانون من تأخر النطق بشكل كبير اعتماداً على الأسباب الكامنة وشدة التأخير وتوقيت التدخل والعوامل الفردية. ومع ذلك، تظهر الأبحاث باستمرار أن التحديد المبكر والتدخل المناسب يؤديان إلى نتائج أفضل بشكل كبير عبر جميع مجالات الأداء.

مع الدعم المناسب، يحقق العديد من الأطفال الذين يعانون من تأخر النطق مهارات تواصل مناسبة للعمر ولا يواجهون تأثيرات دائمة على أداءهم الأكاديمي أو الاجتماعي. قد يستمر آخرون في مواجهة صعوبات خفيفة لكنهم يطورون استراتيجيات تعويضية فعالة تتيح لهم النجاح في مختلف مجالات الحياة.

مفتاح النتائج المثلى يكمن في التدخل الشامل والفردي الذي يتناول احتياجات التواصل ومخاوف الصحة النفسية بينما يدعم الأسر والأنظمة التعليمية في جهودها لتعزيز التطور الصحي.

الخلاصة

تأخر النطق يمثل تحدياً معقداً يتطلب فهماً شاملاً لتأثيراته على التطور النفسي والاجتماعي والأكاديمي للطفل. من خلال التعرف المبكر والتدخل المتخصص والدعم الشامل، يمكن للأطفال الذين يعانون من تأخر النطق التغلب على التحديات وتحقيق إمكاناتهم الكاملة. الاستثمار في فهم ومعالجة هذه الحالة من منظور الصحة النفسية لا يفيد الأطفال المتأثرين فحسب، بل يثري المجتمع ككل من خلال تعزيز التواصل الفعال والرفاهية النفسية للجميع.

المراجع

  • الجمعية الأمريكية لأمراض النطق واللغة والسمع. (2024). معالم تطور النطق واللغة. متاح على: https://www.asha.org
  • مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها. (2023). الإعاقات التطورية: اضطرابات النطق واللغة. المركز الوطني للعيوب الخلقية والإعاقات التطورية.
  • Law, J., Garrett, Z., & Nye, C. (2022). فعالية العلاج للأطفال الذين يعانون من تأخر/اضطراب النطق واللغة التطوري: تحليل تلوي. مجلة أبحاث النطق واللغة والسمع، 47(4)، 924-943.
  • المعهد الوطني للصمم واضطرابات التواصل الأخرى. (2024). معالم تطور النطق واللغة. المعاهد الوطنية للصحة.
  • Paul, R., & Norbury, C. (2023). اضطرابات اللغة من الرضاعة حتى المراهقة: التقييم والتدخل (الطبعة الخامسة). خدمات الصحة إلسفير.
  • Tomblin, J. B., Records, N. L., Buckwalter, P., Zhang, X., Smith, E., & O’Brien, M. (2022). انتشار ضعف اللغة المحدد في أطفال الروضة. مجلة أبحاث النطق واللغة والسمع، 40(6)، 1245-1260.
  • منظمة الصحة العالمية. (2023). التصنيف الدولي للأداء والعجز والصحة: نسخة الأطفال والشباب. جنيف: مطبوعات منظمة الصحة العالمية.
  • Zubrick, S. R., Taylor, C. L., Rice, M. L., & Slegers, D. W. (2021). ظهور اللغة المتأخر في عمر 24 شهراً: دراسة وبائية للانتشار والمؤشرات التنبؤية والمتغيرات المصاحبة. مجلة أبحاث النطق واللغة والسمع، 50(6)، 1562-1592.

 

اخر مقالات

الاكتئاب الصيفي :معاناة خلف أشعة الشمس
غير مصنف
الاكتئاب الصيفي :معاناة خلف أشعة الشمس
التروما أم مرونة ؟ لماذا يتعافى البعض ولا يتعافى آخرون
غير مصنف
التروما أم مرونة ؟لماذا يتعافى البعض ولا يتعافى آخرون
توتر الامتحانات :دليلك لتحقيق النجاح
غير مصنف
توتر الامتحانات :دليلك لتحقيق النجاح
التربية الجنسية للأطفال: دليل الأهل لحماية الطفولة البريئة
غير مصنف
التربية الجنسية للأطفال :دليل الأهل لحماية الطفولة البريئة
التربية الايجابية :فن بناء شخصية طفلك
غير مصنف
التربية الايجابية :فن بناء شخصية طفلك

مقالات ذات صلة

الاكتئاب الصيفي :معاناة خلف أشعة الشمس
غير مصنف
الاكتئاب الصيفي :معاناة خلف أشعة الشمس
التروما أم مرونة ؟ لماذا يتعافى البعض ولا يتعافى آخرون
غير مصنف
التروما أم مرونة ؟لماذا يتعافى البعض ولا يتعافى آخرون
توتر الامتحانات :دليلك لتحقيق النجاح
غير مصنف
توتر الامتحانات :دليلك لتحقيق النجاح