القياس النفسي الإيجابي |رؤية جديدة فعالة في العلاج النفسي
القياس النفسي الإيجابي مصطلح جديد ظهر مع ظهور علم النفس الإيجابي، ليفتح آفاقاً جديدة نحو التعامل مع المشكلات النفسية والاضطرابات بطرق مختلفة، وتناولها من زوايا جديدة.
ونظراً لإيماننا بأهمية نظرية القياس النفسي الإيجابي وما أثبتته من نتائج فعالة في التعامل مع المشاكل النفسية، فإننا نطبق تقنيات القياس الإيجابي في مرحلة التشخيص والعلاج للتوصل أفضل النتائج الممكنة.
ويمكنك عزيزي القارئ التمتع بتقنيات العلاج الحديثة التي تتبنى نظريات القياس النفسي الإيجابي، ولمس أثرها الفعال بنفسك إذا اتصلت بنا على الرابط التالي:
مفهوم القياس النفسي الإيجابي
يتكون مصطلح القياس النفسي الإيجابي من ثلاث محاور، القياس والنفسي والإيجابي، أما مفهوم القياس فهو يشير إلى المعايرة والتقييم والتقدير والمعرفة والإحاطة بأبعاد شيء ما.
فإذا أضفنا إليها وصف النفسي، صار المقصود بها ال Psychometrics، والذي يمثل فرعاً كاملاً من فروع علم النفس، الذي يهتم بمعايرة وتقييم المهارات والقدرات والتوجهات النفسية، والسمات الشخصية، وغيره مما يعطي فهما متكاملاً عن الذات الإنسانية وما تنطوي عليه من تداخلات.
يقوم بعض العلماء النفسيين بمهمة القياس النفسي دون غيرهم، حيث أنهم مؤهلون معرفياً وتقنياً لاستخدام أدوات القياس والياته الدقيقة.
أما المقصود بالقياس النفسي الإيجابي فهو نمط من القياس يرمي إلى قياس الجوانب الإيجابية والإنجازات والمهارات والسمات المميزة للشخصية، كبداية للانطلاق نحو تعزيزها وتطويرها.
قد يهمك :- أريد التواصل مع طبيب نفسي | نخبة من أكفأ الأطباء النفسيين في انتظارك
نشأة مفهوم القياس النفسي الإيجابي
نشأ مفهوم القياس النفسي الإيجابي مع نشأة علم النفس الإيجابي، وهو فرع من علم النفس تم تأسيسه على يد رئيس جمعية علماء النفس الأمريكية مارتن سليجمان عام ١٩٩٨م، وهو علم يركز على دراسة كل ما هو إيجابي في الحياة مثل الرفاهية والسعادة وتحقيق الرضا عن الذات والازدهار والتقدم الدائم نحو ما هو أفضل.
فهو قائم على فكرة إعطاء الاهتمام اللازم والأولوية لنقاط القوة والإنجازات، وبناء الأفصل، وتنمية المواهب والقدرات بنفس القدر الذي توليه لنقاط الضف وعلاج الأوضاع السيئة والاضطرابات المزعجة.
يركز عام النفس الإيجابي على التعامل بعمق مع المشاعر الإيجابية مثل ما التفاؤل والأمل والحب والشعور بالرضى بعمق أكثر، بهدف خلق تأثيرات أكثر وضوحاً على مستوى الحياة ككل.
ومن الجدير بالذكر أن التعريفات المستجدة والمعتمدة مؤخراً لمفهوم الصحة النفسية والذي أقرته منظمة الصحة العالمية أن الصحة النفسية لا تعرف بأنها السلامة من الأمراض أو الاضطرابات النفسية، أو القدرة على التغلب على العجز أو مواطن الخلل فقط، بل يشمل التعريف أيضاً الوصول إلى حالة التكامل والجودة النوعية والأداء الإيجابي على الصعيد العضوي والوظيفي والعقلي والاجتماعي والمهني وغيرهم.
وبناءً عليه لا ينحصر دور الأخصائي في علاج الأعراض وإدارتها فقط بل في الارتقاء بأداء المريض وتحفيز قدراته الداخلية.
شاهد المزيد :- التشخيص النفسي | اهميته واهدافه ومراحله
أدوات القياس النفسي الإيجابي
تتعدد أدوات القياس النفسي الإيجابي وتتكامل فيما بينها، وقد يلجأ المختص إلى استخدام واحدة منها أو أكثر وهي تشمل:
- الاختيارات الشخصية.
- نماذج الاستطلاع.
- الاختبارات العامة.
- أحكام المعدلات.
- مقياس القوى الإنسانية
- مقياس الرفاهية النفسية
- معاينة خبرات التدفق
- القياس عن طريق عمليات السرد المتمركز حول جوانب القوة.
أهمية القياس النفسي الإيجابي
حين يستخدم المعالج القياس النفسي الإيجابي لشخص يعاني من اضطراب ما فإنه يوجه اهتمامه وانتباهه إلى مميزاته وجوانبه الإيجابية وإنجازاته ونجاحاته في الحياة، ويسلط الضوء عليها ويسعى إلى تطويرها وتمكينها، وينعكس هذا على الشخص بعدة فوائد أهمها:
- تشتيت الانتباه الموجه إلى البحث عن علاج للمشكلة أو إصلاح الخلل القائم.
- زيادة الشعور بالسعادة والتخفيز والإقبال على الحياة من خلال رؤية واستشعار الإيجابيات، وتحقيق المزيد من الإنجازات.
- بهذه التقنية تجد المشاعر السلبية مشاعر أخرى تزاحمها في عقل وقلب الشخص، فتتراجع سيطرتها تدريجياً.
- التمتع بحياة أكثر رفاهية وجودة نوعية.
- معظم المضاعفات تنشأ نتيجة لسيطرة المشاعر السلبية التي لا تفلح معها المقاومة ولكن يناسبها خلق توجهات شعورية مخالفة تخفف من حدتها وتبدد تركيزها
- اكتشاف الاضطرابات النفسية والتدخلات النفسية الإكلينيكية وعلاقتها بالأداء الإيجابي فيما يخص العلاقات الارتباطية أو البحوث التجريبية.
- يساهم قياس الأداء الإيجابي في استهداف الأعراض المرضية وإدارتها.
- يساعد في عملية التنبؤ بالاضطرابات النفسية ومدى الاستعداد لها، وذلك من خلال ملاحظة انخفاض الأداء الإيجابي والرفاهية النفسية.
- يعزز القياس الإيجابي العلاقة العلاجية.
- يدفع العميل للكشف والإفصاح عن المزيد من المشكلات وتفاصيل شكواه بأقل درجة من المقاومة أو التحفظ.
قد يهمك :- الاضطرابات السلوكية والانفعالية أسبابها وعلاجها نهائياً
استخدامات القياس النفسي الإيجابي
يستخدم القياس النفسي الإيجابي لعدة أغراض، على الرغم من كونه يجد بعض المقاومة حتى الآن من معتمدين الاستراتيجيات التشخيصية والعلاجية النمطية، إلا أن سليجمان مؤسس علم النفس الإيجابي أوضح بعض أهم تلك الاستخدامات وهي كالتالي:
- تشخيص وفهم الحالات المرضية ومعرفة درجة الاضطراب وحدته.
- يدخل ضمن الخطط العلاجية لاضطرابات نفسية معينة.
- يأتي كتقنية علاجية فاعلة في علاج الإصابة باضطراب الاكتئاب الأساسي المعتدل عن طريق جلسات العلاج الإيجابي الجماعية.
- علاج الاكتئاب الأساسي الشديد عن طريق جلسات العلاج الإيجابية الفردية، التي لا تتعدى أربعة عشر جلسة معيارية.
- يمكن دمجه مع العلاج السلوكي المعرفي لتعزيز الصمود وتحفيز الرغبة في التعافي.
اقرأ أيضا :- الاضطرابات التحولية أسبابها وأعراضها وأهم طرق العلاج
متى تأتي مرحلة القياس النفسي الإيجابي؟
يمكن أن تأتي تلك المرحلة ضمن خطوات التشخيص حيث تساعد المختص على معرفة أبعاد الاضطراب، والدرجة التي وصل إليها ومدى تأثير ذلك على حياة العميل وأدائه العام وقدرته على التمتع بمستوى حياة عالي الجودة.
كذلك يمكن أن تأتي ضمن خطوات العلاج السلوكي المعرفي، بحسب البرتوكول العلاجي المتبع، وبحسب حدة الاضطراب ومقتضيات التعافي التي يحددها المعالج.
خصائص القياس النفسي
يتسم القياس النفسي بشكل عام أو القياس النفسي الإيجابي بشكل خاص ببعض الخصائص التي يجب أخذها بعين الاعتبار عند تحليل دلالات القياس ولعل أبرزها ما يلي:
القياس النفسي وسيلة
بمعنى أنه ليس هدفاً في حد ذاته، بل هو أداة يستعين بها المرشد أو المعالج على فهم الحالة للتمكن من مساعدتها، وتطوير نقاط القوة التي يكشفها القياس وتنميتها.
يتميز بكونه نسبي وليس مطلق
لأنه يعتمد على مقارنة النتائج أو الدرجات التي يحصل عليها الفرد بما يحصل عليه الجماعية التي ينتمي إليها، حيث لا يوجد في القياس النفسي صفر مطلق كما هو الحال بالنسبة القياس المادي.
غير دقيق
نظراً لارتباط السمات الشخصية والخصائص النفسية ببعضها بشكل متداخل ومعقد وتأثرها بعوامل كثيرة خارجية أو داخلية فإن النتائج يمكن أن تتغير من حين لآخر، وهذا التغير لا يرتبط بتلك السمات ذاتها بقدر ما يرتبط بالعوامل المؤثرة فيها.
القابلية للخطأ
حيث يشترك القياس النفسي مع القياس المادي في تلك الخاصية، وقد يكون سبب الأخطاء راجع لمن يقوم بالقياس أو أدوات القياس نفسها أو غير ذلك من العوامل.
غياب وحدات ثابتة للقياس
على عكس القياس المادي الذي يستخدم وحدات قياس ثابتة وموحدة، فإن القياس النفسي يفتقد إلى وجود وحدات ثابتة، بل يعتمد على معايير قياسية يتم استنباطها من الخبرات التشخيصية، وهذا يعزز خاصية النسبية.
القياس النفسي غير مباشر
يختلف الأمر في حال قياس سمة شخصية مثل الذكاء عن قياس صفة مادية مثل الطول أو الوزن أو غيره، فالأولى غير مباشرة والثانية مباشرة وأكثر وضوحاً وسهولةً.
وأخيراً نكون قد وصلنا إلى نهاية مقالنا حول موضوع القياس النفسي الإيجابي باعتباره منظور جديد للتشخيص والعلاج، يجب تبنيه واعتماده لتحقيق أداء علاجي أفضل.
المصادر:-