السرقة عند الاطفال:خطأ ام صيحة انذار
السرقة عند الاطفال تمثل ظاهرة سلوكية معقدة تمتد إلى ما هو أبعد من مجرد كسر القواعد أو الانحرافات الأخلاقية البسيطة. من منظور الصحة النفسية، فإن سلوكيات السرقة لدى الأطفال والمراهقين غالباً ما تكون بمثابة تعبيرات عرضية عن تحديات نفسية أو عاطفية أو تطورية كامنة تتطلب فهماً دقيقاً وتدخلاً مناسباً. في حين أن السرقة الطفيفة العرضية قد تكون جزءاً من التجريب التطوري الطبيعي، إلا أن سلوكيات السرقة المستمرة يمكن أن تشير إلى مخاوف صحية نفسية كبيرة تؤثر ليس فقط على الطفل ولكن أيضاً على أسرهم ومدارسهم ومجتمعاتهم.
إن فهم السرقة عند الاطفال من خلال عدسة الصحة النفسية يتطلب فحص التفاعل المعقد بين التطور العصبي والتنظيم العاطفي والعوامل البيئية والاحتياجات النفسية. هذا النهج الشامل يدرك أن سلوكيات السرقة نادراً ما تحدث بمعزل عن غيرها، ولكنها غالباً ما تكون مترابطة مع قضايا سلوكية أو عاطفية أو تطورية أخرى تتطلب اهتماماً مهنياً واستراتيجيات تدخل قائمة على الأدلة.
ما هو تعريف وفهم السرقة عند الأطفال
السرقة عند الأطفال، والمفهومة سريرياً كأخذ متعمد لممتلكات شخص آخر دون إذن وبدون نية إرجاعها، تشمل طيفاً من السلوكيات تتراوح من الإمساك الاندفاعي بالأشياء المرغوبة إلى أنماط السرقة الأكثر حساباً وتكراراً. يميز أخصائيو الصحة النفسية بين عدة فئات من السرقة عند الاطفال، كل منها لها أسس نفسية مميزة وآثار علاجية.
السرقة التطورية تحدث عادة في الأطفال الصغار جداً الذين تتراوح أعمارهم بين 3-5 سنوات والذين لم يطوروا بعد مفاهيم الملكية أو حقوق الممتلكات أو التفكير الأخلاقي بشكل كامل. هذا النوع من السرقة يعتبر عموماً طبيعياً ويعكس مرحلة التطور المعرفي للطفل بدلاً من السلوك المرضي. الأطفال في هذا العمر يعملون بشكل أساسي من خلال التفكير المحسوس والإشباع الفوري، مما يجعل من الصعب عليهم فهم مفاهيم مجردة مثل الملكية.
السرقة الاندفاعية تحدث بشكل شائع في الأطفال في سن المدرسة والمراهقين، وغالباً ما تكون مدفوعة بضعف التحكم في الانفعالات أو الرغبات الفورية أو عدم التنظيم العاطفي. هذا النوع من سلوك السرقة قد يكون مرتبطاً باضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط (ADHD) أو اضطرابات السلوك أو صعوبات أخرى في التحكم بالانفعالات. قد يدرك الطفل أن السرقة خطأ ولكنه يكافح لمقاومة الرغبة الفورية في أخذ شيء يريده.
السرقة القهرية، أو هوس السرقة، تمثل حالة أكثر خطورة تتميز بالدوافع المتكررة لسرقة العناصر التي ليست مطلوبة للاستخدام الشخصي أو القيمة النقدية. هذه الحالة نادرة في الأطفال ولكن عندما تكون موجودة، فإنها عادة ما تظهر خلال فترة المراهقة وتتطلب تدخل الصحة النفسية المتخصص.
السرقة التفاعلية غالباً ما تتطور كاستجابة لضغوط الحياة الكبيرة أو الصدمة أو التغييرات البيئية. قد يسرق الأطفال كآلية للتعامل مع مشاعر العجز أو الهجر أو الألم العاطفي. هذا النوع من السرقة كثيراً ما يحدث مع استجابات أخرى للصدمة أو صعوبات في التكيف.
ما الأسباب الكامنة والعوامل المساهمة
إن مسببات السرقة عند الاطفال متعددة الجوانب، وتشمل تفاعلات معقدة بين العوامل البيولوجية والنفسية والاجتماعية والبيئية. إن فهم هذه العناصر المساهمة أمر بالغ الأهمية لتطوير استراتيجيات تدخل فعالة وتوفير الدعم المناسب للصحة النفسية.
العوامل العصبية الحيوية تلعب دوراً مهماً في سلوكيات السرقة في الطفولة. تشير الأبحاث إلى أن مناطق الدماغ المسؤولة عن التحكم في الانفعالات والتفكير الأخلاقي والوظائف التنفيذية تستمر في التطور حتى منتصف العشرينات. القشرة المخية الأمامية، التي تحكم اتخاذ القرارات والتحكم في الانفعالات، غير ناضجة بشكل خاص أثناء الطفولة والمراهقة، مما يجعل الأطفال أكثر عرضة للسلوكيات الاندفاعية بما في ذلك السرقة. بالإضافة إلى ذلك، حالات النمو العصبي مثل ADHD أو اضطرابات طيف التوحد أو الإعاقات الذهنية يمكن أن تضعف قدرة الطفل على فهم القواعد الاجتماعية أو التحكم في الانفعالات أو فهم عواقب أفعالهم.
العوامل النفسية والعاطفية كثيراً ما تكمن وراء سلوكيات السرقة في الأطفال. الاحتياجات العاطفية غير المشبعة، مثل الشعور بعدم المحبة أو الإهمال أو عدم الرعاية الكافية، قد تدفع الأطفال للسرقة كوسيلة لملء الفراغات العاطفية أو طلب الانتباه. الأطفال الذين يعانون من القلق أو الاكتئاب أو الصدمة قد يستخدمون السرقة كاستراتيجية تأقلم غير متكيفة لإدارة المشاعر الطاغية أو استعادة الشعور بالسيطرة على بيئتهم. تقدير الذات المنخفض أو مشاعر عدم الكفاءة أو الرفض الاجتماعي يمكن أن يحفز أيضاً سلوكيات السرقة حيث يحاول الأطفال الحصول على ممتلكات تجعلهم يشعرون بتحسن عن أنفسهم أو أكثر قبولاً من الأقران.
ديناميكيات الأسرة والضغوط البيئية تؤثر بشكل كبير على تطوير سلوكيات السرقة. الأطفال من منازل تتميز بالانضباط غير المتسق أو الإهمال العاطفي أو الإساءة الجسدية أو الجنسية أو العنف المنزلي هم في خطر متزايد لتطوير مشاكل سلوكية بما في ذلك السرقة. قضايا الصحة النفسية للوالدين أو تعاطي المخدرات أو السلوك الإجرامي يمكن أن ينمذج استراتيجيات التأقلم غير المناسبة ويطبع سلوكيات كسر القوانين. المشقة الاقتصادية، بينما لا تسبب السرقة بشكل مباشر، يمكن أن تخلق ضغطاً واحتياجات غير مشبعة قد تساهم في سلوكيات السرقة، خاصة عندما يشعر الأطفال بالحرمان مقارنة بأقرانهم.
التأثيرات الاجتماعية وتأثير الأقران تصبح مهمة بشكل متزايد مع تطور الأطفال. ضغط الأقران أو الرغبة في القبول الاجتماعي أو المشاركة مع مجموعات الأقران المعادية للمجتمع يمكن أن يشجع أو يعزز سلوكيات السرقة. الأطفال الذين يشعرون بالعزلة الاجتماعية أو الرفض قد يسرقون للاندماج مع مجموعات معينة أو للحصول على عناصر يعتقدون أنها ستحسن مكانتهم الاجتماعية. بالإضافة إلى ذلك، التعرض لوسائل الإعلام التي تمجد السرقة أو السلوك الإجرامي يمكن أن يؤثر على مواقف وسلوكيات الأطفال المعرضين للخطر. وراء كل سلوك طفل… حكاية. لنستمع إليها معًا. احجز جلسة لمعالجة سرقة طفلك بكل حب وفهم
كيف اتعرف على الأعراض وعلامات الإنذار
تحديد السرقة عند الاطفال يتطلب مراقبة دقيقة لأنماط السلوك والمؤشرات العاطفية والتغيرات البيئية. يؤكد أخصائيو الصحة النفسية أن الحوادث المعزولة من السرقة قد لا تشير إلى مشاكل خطيرة، ولكن أنماط سلوك السرقة تستدعي الانتباه والتدخل المحتمل.
الأعراض السلوكية للسرقة الإشكالية تشمل أخذ العناصر المتكرر من أفراد العائلة أو زملاء الدراسة أو المتاجر أو أماكن أخرى، غالباً مع زيادة في التكرار أو الجرأة مع مرور الوقت. قد يبدأ الأطفال في إخفاء العناصر المسروقة أو الكذب حول كيف حصلوا على الممتلكات أو إظهار ممتلكات غير متسقة مع الوسائل المالية لأسرتهم. قد يصبحون دفاعيين أو عدوانيين عند الاستفسار عن ممتلكاتهم أو يظهرون ندماً قليلاً عند مواجهتهم بالسرقة. بعض الأطفال قد يظهرون انشغالاً مفرطاً بالحصول على الممتلكات المادية أو يظهرون ضعف التحكم في الانفعالات في مجالات أخرى من حياتهم.
الأعراض العاطفية والنفسية غالباً ما تصاحب سلوكيات السرقة. قد يظهر الأطفال قلقاً متزايداً أو شعوراً بالذنب أو العار، خاصة بعد حوادث السرقة. قد يظهرون علامات الاكتئاب أو التهيج أو عدم الاستقرار العاطفي. بعض الأطفال يصبحون سريين بشكل متزايد أو منسحبين أو غير صادقين في تفاعلاتهم مع العائلة والأصدقاء. آخرون قد يظهرون سلوكيات متحدية أو معارضة عند مواجهتهم حول أفعالهم أو عندما يتم وضع قواعد وحدود.
الأعراض الاجتماعية والشخصية كثيراً ما تظهر مع استمرار سلوكيات السرقة. قد يواجه الأطفال صعوبات في علاقات الأقران، إما بسبب الإمساك بهم وهم يسرقون من الأصدقاء أو لأن سلوكهم يخلق صراعات اجتماعية. قد يكافحون مع أشخاص السلطة، بما في ذلك المعلمون والوالدين أو البالغين الآخرين الذين يحاولون معالجة سلوكهم. قد ينخفض الأداء الأكاديمي حيث يصبح الطفل منشغلاً بالسرقة أو يواجه عواقب في المدرسة. علاقات العائلة غالباً ما تصبح متوترة حيث تتآكل الثقة وتزداد الصراعات.
الأعراض الجسدية، بينما أقل شيوعاً، قد تشمل علامات التوتر أو القلق مثل التغيرات في أنماط النوم أو اضطرابات الشهية أو الشكاوى الجسدية غير المبررة. بعض الأطفال قد يظهرون علامات فرط اليقظة أو العصبية، خاصة في الحالات التي سرقوا فيها سابقاً أو حيث يشعرون بالإغراء للسرقة.
ما هي التأثيرات على الحياة والتطور

السرقة عند الاطفال يمكن أن يكون لها تأثيرات عميقة ودائمة على مجالات متعددة من الحياة والتطور، مما يخلق عواقب متتالية تمتد إلى ما هو أبعد من فعل السرقة الفوري. إن فهم هذه التأثيرات أمر بالغ الأهمية لتقدير خطورة سلوكيات السرقة المستمرة وأهمية التدخل المبكر.
العواقب الأكاديمية والتعليمية غالباً ما تظهر مع استمرار أو تصاعد سلوكيات السرقة. الأطفال الذين يسرقون في المدرسة قد يواجهون إجراءات تأديبية بما في ذلك التعليق أو الطرد، مما يعطل استمراريتهم التعليمية وتقدمهم الأكاديمي. التوتر والانشغال المرتبط بالسرقة يمكن أن يضعف التركيز والتعلم والمشاركة في الفصل الدراسي. المعلمون وموظفو المدرسة قد يطورون تصورات سلبية عن الطفل، مما قد يؤثر على فرصهم التعليمية والدعم. المشاكل الأكاديمية يمكن أن تخلق ضغطاً إضافياً وتساهم في دورة من الصعوبات السلوكية وضعف الأداء المدرسي.
العلاقات الاجتماعية وعلاقات الأقران كثيراً ما تعاني من ضرر كبير عندما ينخرط الأطفال في سلوكيات السرقة. الأصدقاء قد يفقدون الثقة ويبتعدون عن الطفل، مما يؤدي إلى العزلة الاجتماعية والرفض. مجموعات الأقران قد تستبعد الطفل من الأنشطة أو العلاقات، مما يضر بتطورهم الاجتماعي وأنظمة الدعم. قد يكافح الطفل لتكوين علاقات صحية وموثوقة وقد ينجذب نحو مجموعات الأقران المعادية للمجتمع التي تطبع أو تشجع السلوكيات الإشكالية. هذه الصعوبات الاجتماعية يمكن أن تستمر إلى مرحلة البلوغ، مما يؤثر على قدرة الفرد على الحفاظ على علاقات صحية وروابط اجتماعية.
علاقات العائلة غالباً ما تواجه ضغطاً شديداً عندما ينخرط الأطفال في السرقة المستمرة. الوالدان قد يشعران بالإحباط أو الإحراج أو العجز في معالجة سلوك طفلهم. الثقة بين أفراد العائلة تتآكل، مما يخلق توتراً وصراعاً في البيئة المنزلية. الأشقاء قد يشعرون بالاستياء أو الخوف، وديناميكيات العائلة قد تصبح مركزة بشكل متزايد على مراقبة والسيطرة على سلوك الطفل. ضغط إدارة سلوكيات السرقة يمكن أن يؤثر على الصحة النفسية للوالدين والعلاقات الزوجية، مما يخلق عدم استقرار إضافي في بيئة الطفل.
العواقب القانونية والقضائية تصبح أكثر احتمالاً مع تقدم الأطفال في العمر واستمرار أو تصاعد سلوكيات السرقة. تورط محكمة الأحداث يمكن أن يخلق سجلات دائمة تؤثر على الفرص التعليمية والتوظيفية المستقبلية. ضغط الإجراءات القانونية يمكن أن يصدم الأطفال والعائلات، بينما التورط مع نظام قضاء الأحداث قد يعرض الأطفال لتأثيرات سلبية إضافية وتدخلات قد لا تعالج احتياجات الصحة النفسية الكامنة.
التطور النفسي والعاطفي يمكن أن يتأثر بشكل كبير بسلوكيات السرقة المستمرة. الأطفال قد يطورون مفاهيم ذاتية سلبية، ينظرون إلى أنفسهم كـ “سيئين” أو معيبين. الذنب والعار والقلق قد تصبح حالات عاطفية مزمنة، تؤثر على الصحة النفسية العامة ورفاهية الطفل. قد يكافح الطفل مع التطور الأخلاقي وتكوين الضمير، مما قد يؤثر على قدرتهم على تطوير التفكير الأخلاقي الصحي ومهارات اتخاذ القرار.
العواقب التطورية طويلة المدى يمكن أن تمتد إلى مرحلة البلوغ إذا لم تتم معالجة سلوكيات السرقة بشكل كافٍ أثناء الطفولة. البالغون الذين انخرطوا في السرقة المستمرة كأطفال قد يستمرون في المعاناة من التحكم في الانفعالات والتفكير الأخلاقي والعلاقات الشخصية. قد يكونون في خطر متزايد لتطوير اضطراب الشخصية المعادي للمجتمع أو مشاكل تعاطي المخدرات أو حالات الصحة النفسية الأخرى. صعوبات التوظيف ومشاكل العلاقات والقضايا القانونية المستمرة قد تستمر طوال حياتهم.
طلب المساعدة والدعم المهني
قلق من سلوك طفلك؟ لا تنتظر حتى تكبر المشكلة. جلسة نفسية متخصصة يمكن أن تكون البداية لفهم الأسباب الجذرية للسرقة وبناء سلوك سليم
إدراك متى يجب طلب المساعدة المهنية لسرقة الأطفال أمر بالغ الأهمية لمنع العواقب طويلة المدى ومعالجة احتياجات الصحة النفسية الكامنة. الوالدان ومقدمو الرعاية والبالغون الآخرون يجب أن يفكروا في الاستشارة المهنية عندما تستمر سلوكيات السرقة رغم العواقب والتدخلات المتسقة، أو عندما تكون السرقة مصحوبة بسلوكيات أو أعراض أخرى مثيرة للقلق، أو عندما يؤثر السلوك بشكل كبير على أداء الطفل في مجالات متعددة من الحياة.
أخصائيو الصحة النفسية المتخصصون في علم نفس الأطفال والمراهقين أو الطب النفسي هم عادة جهات الاتصال الأولية الأكثر مناسبة لمعالجة سلوكيات السرقة. هؤلاء المهنيون يمكنهم إجراء تقييمات شاملة لتحديد حالات الصحة النفسية الكامنة أو القضايا التطورية أو العوامل البيئية التي تساهم في السلوك. مستشارو المدارس والأخصائيون الاجتماعيون يمكنهم أيضاً توفير دعم قيم وقد يكونون قادرين على ربط العائلات بموارد الصحة النفسية المناسبة.
عملية التقييم عادة ما تتضمن مقابلات مفصلة مع الطفل والوالدين، ومراقبات سلوكية، واختبارات نفسية، ومراجعة للتاريخ التطوري والطبي والاجتماعي للطفل. المهنيون قد يستخدمون أدوات تقييم موحدة لتقييم حالات مثل ADHD أو اضطراب السلوك أو القلق أو الاكتئاب أو أعراض متعلقة بالصدمة. التقييم يجب أن يفحص أيضاً ديناميكيات العائلة وأداء المدرسة وعلاقات الأقران والضغوط البيئية التي قد تساهم في سلوك السرقة.
الاستعداد للاستشارة المهنية يتضمن جمع المعلومات ذات الصلة حول أنماط سلوك الطفل، بما في ذلك تكرار وظروف حوادث السرقة، وأي محفزات أو أنماط لوحظت، والتدخلات السابقة المحاولة، والسلوكيات أو الأعراض الأخرى المثيرة للقلق. الوالدان يجب أن يكونوا مستعدين لمناقشة التاريخ العائلي لقضايا الصحة النفسية، والأحداث المهمة في الحياة أو الضغوط، والتاريخ التطوري والطبي للطفل. إحضار تقارير المدرسة أو التقييمات النفسية السابقة أو الوثائق الأخرى ذات الصلة يمكن أن يساعد المهنيين على فهم النطاق الكامل لاحتياجات الطفل.
عند طلب المساعدة، من المهم العثور على مهنيين لديهم خبرة في العمل مع الأطفال والمراهقين والذين يفهمون العوامل المعقدة التي تساهم في المشاكل السلوكية. الوالدان يجب أن يشعروا بالراحة في السؤال عن تدريب المهني وخبرته مع حالات مماثلة ونهج العلاج. العلاقة العلاجية يجب أن تشعر بالتعاون والدعم، مع تواصل واضح حول أهداف العلاج والتقدم.
النهج العلاجية القائمة على الأدلة
العلاج الفعال للسرقة بين الأطفال يتطلب نهجاً فردياً وشاملاً يعالج الأسباب الكامنة للسلوك بينما يعلم استراتيجيات التأقلم المناسبة والمهارات الاجتماعية. تدعم الأبحاث عدة تدخلات قائمة على الأدلة أظهرت فعالية في تقليل سلوكيات السرقة وتحسين الأداء العام في الأطفال والمراهقين.
العلاج المعرفي السلوكي (CBT) يمثل واحداً من أكثر النهج المدروسة والفعالة لمعالجة سلوكيات السرقة في الأطفال. CBT يساعد الأطفال على تحديد الأفكار والمشاعر والحالات التي تثير دوافع السرقة ويعلمهم استراتيجيات تأقلم بديلة. من خلال CBT، يتعلم الأطفال التعرف على التشويهات المعرفية التي قد تبرر سلوك السرقة لديهم وتطوير أنماط تفكير أكثر واقعية ومفيدة. العلاج يركز أيضاً على تحسين التحكم في الانفعالات ومهارات اتخاذ القرار وقدرات التفكير الأخلاقي.
العلاج العائلي غالباً ما يكون مكوناً أساسياً في العلاج، خاصة عندما تساهم ديناميكيات العائلة أو العلاقات في المشاكل السلوكية للطفل. العلاج العائلي يمكن أن يساعد في تحسين التواصل ووضع حدود وعواقب متسقة ومعالجة أي ضغوط أو صراعات عائلية قد تؤثر على سلوك الطفل. الوالدان يتعلمون استراتيجيات انضباط فعالة وكيفية إعادة بناء الثقة مع طفلهم وكيفية توفير الدعم المناسب مع الحفاظ على الهيكل والإشراف الضروريين.
تدريب إدارة الوالدين يعلم مقدمي الرعاية مهارات محددة لإدارة سلوك طفلهم بفعالية. هذه البرامج عادة ما تتضمن تعليمات في استراتيجيات التعزيز الإيجابي وتقنيات الانضباط المتسقة ومهارات التواصل الفعال وكيفية إنشاء بيئات منظمة تدعم السلوك المناسب. الوالدان يتعلمون كيفية وضع توقعات واضحة والمتابعة مع العواقب وتوفير الدعم العاطفي أثناء معالجة المشاكل السلوكية.
العلاج الفردي قد يكون ضرورياً لمعالجة حالات الصحة النفسية الكامنة أو الصدمة التي تساهم في سلوكيات السرقة. العلاج بالألعاب يمكن أن يكون فعالاً بشكل خاص للأطفال الأصغر سناً، مما يسمح لهم بالتعبير عن المشاعر والخبرات التي قد لا يكونون قادرين على التعبير عنها لفظياً. للمراهقين، قد يركز العلاج الفردي على تطوير الهوية وعلاقات الأقران وتطوير استراتيجيات تأقلم صحية للتوتر والصعوبات العاطفية.
العلاج الجماعي يمكن أن يوفر فرصاً قيمة للأطفال لتعلم المهارات الاجتماعية وممارسة السلوكيات المناسبة وتلقي الدعم من الأقران الذين قد يواجهون تحديات مماثلة. التدخلات الجماعية يمكن أن تعالج نقص المهارات الاجتماعية وتحسن قدرات التعاطف والنظر من منظور الآخرين وتوفر تفاعلات إيجابية مع الأقران قد تكون مفقودة في البيئة الطبيعية للطفل.
الأدوية قد تكون مناسبة عندما تكون سلوكيات السرقة مرتبطة بحالات الصحة النفسية الكامنة مثل ADHD أو الاكتئاب أو اضطرابات القلق. في حين أن الأدوية وحدها نادراً ما تكون كافية لمعالجة سلوكيات السرقة، فإنها يمكن أن تكون مكوناً مهماً في العلاج الشامل عندما تكون الحالات النفسية الكامنة موجودة. أي تدخلات دوائية يجب أن تكون مراقبة بعناية من قبل مهنيين طبيين مؤهلين ومدمجة مع التدخلات النفسية.
التدخلات البيئية قد تكون ضرورية لمعالجة عوامل العائلة أو المدرسة أو المجتمع التي تساهم في سلوكيات السرقة. هذا قد يشمل العمل مع المدارس لتطوير خطط سلوكية مناسبة أو ربط العائلات بموارد المجتمع لمعالجة الضغوط الاقتصادية أو الاجتماعية أو مساعدة العائلات على إنشاء بيئات منزلية أكثر تنظيماً ودعماً.
فعالية العلاج تتعزز عندما تكون التدخلات مفردة بناءً على العوامل المحددة التي تساهم في سلوك السرقة لكل طفل. العلاج الناجح عادة ما يتطلب جهداً مستمراً على مدى عدة أشهر ومراقبة مستمرة لمنع الانتكاس. مشاركة العائلة والالتزام بتوصيات العلاج هي عوامل حاسمة في تحقيق النتائج الإيجابية.
الوقاية والإدارة طويلة المدى
منع السرقة عند الاطفال يتضمن إنشاء بيئات داعمة تعزز التطور الصحي وتعليم المهارات الاجتماعية المناسبة والتفكير الأخلاقي ومعالجة عوامل الخطر قبل أن تساهم في السلوكيات الإشكالية. التدخل المبكر مهم بشكل خاص، حيث أن سلوكيات السرقة التي تستمر إلى فترة المراهقة تصبح صعبة التغيير بشكل متزايد وترتبط بعواقب أكثر خطورة على المدى الطويل.
استراتيجيات الوقاية الفعالة تبدأ بإنشاء بيئات عائلية آمنة ومغذية حيث يشعر الأطفال بالحب والتقدير والدعم العاطفي. الوالدان يجب أن يضعوا قواعد وتوقعات واضحة ومتسقة بينما يوفرون الدفء والاستجابة لاحتياجات أطفالهم العاطفية. التواصل المفتوح والأنشطة العائلية المنتظمة والمشاركة في حياة الأطفال تساعد في إنشاء روابط عائلية قوية تحمي من المشاكل السلوكية.
تعليم الأطفال عن الملكية واحترام ممتلكات الآخرين والتفكير الأخلاقي من سن مبكرة يساعد في إرساء الأساس للسلوك المناسب. المناقشات المناسبة للعمر حول الصدق والتعاطف وتأثير أفعالهم على الآخرين تساعد الأطفال على تطوير الضمير وقدرات التفكير الأخلاقي. نمذجة السلوك المناسب وإظهار احترام ممتلكات الآخرين يعزز هذه الدروس.
معالجة عوامل الخطر الكامنة مثل حالات الصحة النفسية أو صعوبات التعلم أو الضغوط العائلية يمكن أن تمنع تطوير سلوكيات السرقة. التحديد المبكر وعلاج حالات مثل ADHD أو القلق أو الاكتئاب يمكن أن يقلل من احتمالية أن تساهم هذه الحالات في المشاكل السلوكية. توفير الدعم للعائلات التي تواجه التوتر أو المشقة الاقتصادية أو تحديات أخرى يمكن أن يساعد في الحفاظ على بيئات مستقرة وداعمة للأطفال.
الإدارة طويلة المدى للأطفال الذين انخرطوا في سلوكيات السرقة تتطلب مراقبة مستمرة ودعماً علاجياً مستمراً والحفاظ على العوامل الوقائية. العائلات يجب أن تبقى يقظة لعلامات الانتكاس السلوكي وتكون مستعدة لطلب المساعدة الإضافية إذا لزم الأمر. الحفاظ على العلاقات العائلية الإيجابية والنجاح الأكاديمي والروابط الصحية مع الأقران يساعد في دعم السلوك الإيجابي المستمر.
المدارس والمجتمعات يمكن أن تساهم في جهود الوقاية من خلال إنشاء بيئات داعمة ومنظمة تعزز السلوك الإيجابي وتوفر عواقب مناسبة لانتهاكات القواعد. برامج مكافحة التنمر ومناهج التعلم الاجتماعي العاطفي وأنظمة دعم السلوك الإيجابي يمكن أن تساعد في إنشاء بيئات مدرسية تقلل من المشاكل السلوكية وتدعم التطور الصحي لجميع الطلاب.
الخلاصة
السرقة عند الاطفال تمثل مصدر قلق كبير للصحة النفسية يتطلب فهماً شاملاً وتدخلاً قائماً على الأدلة. في حين أن السرقة الطفيفة العرضية قد تكون جزءاً من التطور الطبيعي، إلا أن سلوكيات السرقة المستمرة غالباً ما تشير إلى قضايا نفسية أو عاطفية أو بيئية كامنة تحتاج إلى انتباه مهني. التفاعل المعقد للعوامل العصبية الحيوية والنفسية والاجتماعية والبيئية التي تساهم في سلوكيات السرقة يتطلب نهج علاجية فردية ومتعددة الجوانب.
التحديد والتدخل المبكران أمران حاسمان لمنع العواقب الخطيرة طويلة المدى التي يمكن أن تنتج عن سلوكيات السرقة المستمرة. عندما تعمل العائلات والمدارس والمجتمعات معاً لإنشاء بيئات داعمة وتوفير التدخلات المناسبة، يمكن للأطفال الذين ينخرطون في سلوكيات السرقة أن يطوروا استراتيجيات تأقلم أكثر صحة ومسارات حياتية أكثر إيجابية.
فعالية العلاج تعتمد إلى حد كبير على معالجة الأسباب الكامنة لسلوك السرقة بدلاً من التركيز فقط على الأعراض. النهج الشاملة التي تشمل الطفل والعائلة والمدرسة والمجتمع هي الأكثر احتمالاً لإنتاج تغييرات إيجابية دائمة. مع التدخل والدعم المناسبين، يمكن للأطفال الذين انخرطوا في سلوكيات السرقة أن يطوروا المهارات والعلاقات الضرورية للتطور الصحي والأداء الناجح في جميع مجالات حياتهم.
أخصائيو الصحة النفسية يؤكدون أن سلوكيات السرقة في الأطفال يجب أن تُنظر إليها كأعراض لاحتياجات أو صعوبات كامنة وليس كإخفاقات أخلاقية. هذا المنظور يعزز التدخلات الأكثر فعالية وتعاطفاً التي تعالج الأسباب الجذرية بينما تبني على نقاط القوة والإمكانات الإيجابية للأطفال للتغيير.
المراجع
الأكاديمية الأمريكية للطب النفسي للأطفال والمراهقين. (2018). معيار الممارسة لتقييم وعلاج الأطفال والمراهقين المصابين باضطراب السلوك. مجلة الأكاديمية الأمريكية للطب النفسي للأطفال والمراهقين، 36(10)، 122S-139S.
الجمعية الأمريكية للطب النفسي. (2022). الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية (الطبعة الخامسة، المراجعة النصية). النشر الطبي النفسي الأمريكي.
بور، و.، مكجي، ت. ر.، وفاجان، أ. أ. (2004). عوامل الخطر المبكرة للسلوك المعادي للمجتمع في المراهقة: دراسة طولية أسترالية. المجلة الأسترالية والنيوزيلندية للطب النفسي، 38(5)، 365-372.
مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها. (2019). نظام الاستعلام والإبلاغ عن إحصاءات الإصابات القائم على الويب (WISQARS). المركز الوطني لمنع الإصابات والسيطرة عليها.
مجموعة بحث منع مشاكل السلوك. (2011). آثار التدخل الوقائي للمسار السريع على تطوير اضطراب السلوك عبر الطفولة. تطور الطفل، 82(1)، 331-345.
آيبرج، س. م.، نلسون، م. م.، وبوجز، س. ر. (2008). العلاجات النفسية الاجتماعية القائمة على الأدلة للأطفال والمراهقين ذوي السلوك التخريبي. مجلة علم النفس السريري للأطفال والمراهقين، 37(1)، 215-237.
فريك، ب. ج.، ووايت، س. ف. (2008). مراجعة البحث: أهمية الصفات القاسية وغير العاطفية للنماذج التطورية للسلوك العدواني والمعادي للمجتمع. مجلة علم النفس والطب النفسي للطفل، 49(4)، 359-375.
هوكينز، ج. د.، كاتالانو، ر. ف.، وميلر، ج. ي. (1992). عوامل الخطر والحماية لمشاكل الكحول والمخدرات الأخرى في المراهقة والبلوغ المبكر: آثار على منع تعاطي المواد. النشرة النفسية، 112(1)، 64-105.
كازدين، أ. ي. (2018). تدريب إدارة الوالدين: العلاج للسلوك المعارض والعدواني والمعادي للمجتمع في الأطفال والمراهقين. مطبعة جامعة أوكسفورد.
المعهد الوطني للصحة النفسية. (2023). اضطراب السلوك. وزارة الصحة والخدمات الإنسانية الأمريكية.
باترسون، ج. ر.، ريد، ج. ب.، وديشيون، ت. ج. (1992). الأولاد المعادون للمجتمع. نشر كاستاليا.
راتر، م.، جيلر، ه.، وهاجيل، أ. (1998). السلوك المعادي للمجتمع من قبل الشباب. مطبعة جامعة كامبريدج.
إدارة تعاطي المواد وخدمات الصحة النفسية. (2019). الرعاية المدركة للصدمة في الخدمات السلوكية. سلسلة بروتوكول تحسين العلاج (TIP) 57. مركز خدمات الصحة السلوكية.
منظمة الصحة العالمية. (2022). الصحة النفسية للمراهقين. مطبعة منظمة الصحة العالمية.
يوشيكاوا، ه. (1994). الوقاية كحماية تراكمية: آثار الدعم والتعليم المبكر للعائلة على الجناح المزمن ومخاطره. النشرة النفسية، 115(1)، 28-54.





