الاستراتیجیات السلوكیة لادارة الاكتئاب وعلاجه نهائياً
الاستراتیجیات السلوكیة لادارة الاكتئاب من الموضوعات التي يكثر البحث عنها وذلك لأنها باتت تعتمد بصورة كبيرة في بروتوكولات علاج الاكتئاب، نظراً لما تمنحه للمريض من مزايا جيدة.
وإيماناً منا بأهمية العلاج السلوكي وجدواه في علاج الاكتئاب والوصول من خلاله إلى درجة مرضية من التعافي فإن مركزنا النفسي يحرص على تقديم أهم الاستراتيجيات السلوكية لادارة الاكتئاب، ومساعدة المريض على تحقيق أفضل استفادة ممكنة منها، مع ضمان أعلى درجات الاحترافية.
ما هي الاستراتیجیات السلوكیة لادارة الاكتئاب؟
يتساءل الكثير من الأشخاص: ما هو مرض الاكتئاب وما هي أعراضه؟ والإجابة هي أنه اضطراب نفسي ينتج عن تداخل عوامل نفسية وبيولوجية وكيميائية متعددة، وأنه من أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً، والذي يحتاج إلى علاج حاسم تجنباً لمصاعفاته الخطيرة.
تتمثل أعراضه في فقدان الشغف والشعور بالحزن غير المبرر لفترات طويلة، والتوقف عن ممارسة الأنشطة اليومية والحياتية والعزوف عن التواصل مع الآخرين واختيار العزلة بديلاً عن الاحتكاك بالمجتمع.
تتطلب معظم حالات الاكتئاب علاج متكامل وطويل الأمد ومن أهم أنواع العلاج التي تتبع في هذا الصدد العلاج السلوكي المعرفي.
ويمكننا تعريف العلاج السلوكي للاكتئاب بأنه نمط علاجي جديد بات معتمداً من قبل أطباء النفس والصحة العقلية، وهو يسير جنباً إلى جنب مع أنماط العلاج الأخرى، وقد أثبت نجاحاً كبيراً في تخفيف الأعراض المصاحبة للاضطرابات النفسية بل وعلاجها من جذورها وعلى رأس تلك الاضطرابات الاكتئاب.
يرتبط الاكتئاب بسيطرة أفكار سلبية وتسلط مشاعر قاسية على المريض، يصعب عليه مواجهتها أو التحرر منها مما ينعكس على حالته النفسية والصحية بصورة ملحوظة وطويلة الأمد، ولأن مجرد رفض تلك المشاعر أو مقاومتها ظاهرياً لا يفلح في الوصول إلى درجة مرضية من الراحة والتمتع بالسلام النفسي.
فقد جاء العلاج السلوكي المعرفي بالحل والذي يكمن في مساعدة المريض من خلال مجموعة جلسات علاجية منتظمة مع أخصائي ثقة على الغوص داخل أعماقه، والعثور على المواقف الحقيقية أو الذكريات المختفية في اللاوعي والمسؤولة عن تكون الأفكار السلبية وما ينتج عنها من مشاعر سلبية أيضاً.
ومحاولة تحليلها ورفع وعي المريض بها وأبعادها، حتى يتمكن من التصالح معها وتقبلها وتغيير ردود الفعل النفسية والسلوكية التي يتبناها تجاهها.
ومن ثم فيمكننا القول إن الاستراتیجیات السلوكیة لادارة الاكتئاب هي مجموعة الخطط والتقنيات السلوكية التي تمكن المريض من مواجهة معاناته الناتجة عن الاكتئاب، والتعامل معها بصورة أكثر موضوعية ومراودتها وتحجيمها حتى يصل إلى درجة التحرر منها والسيطرة عليها.
ومن ثم التمتع بنوعية حياة أكثر جودة، ومن الجدير بالذكر أن تبني تلك الاستراتيجيات ليس مفيداً فقط لأصحاب الاضطرابات النفسية، بل أنه عظيم الفائدة للأشخاص الطبيعيين الذين يمرون بفترات من الضغط النفسي والعصبي نتيجة أعباء الحياة والمسؤوليات اليومية، ويمكن استعراض أهم تلك الاستراتيجيات على الوجه التالي:
قد يهمك :- الاضطرابات السلوكية والانفعالية اسبابها وعلاجها نهائياً
استراتيجية التعرض الممنهج والمتدرج
يزداد حرص الأشخاص على اتباع آلية التجنب تجاه المواقف التي تثير قلقهم أو الأفكار المزعجة التي تواجههم، وكلما زاد التجنب زاد عمق تلك المشاعر وتسلطها، ومن ثم فإن تقنية التعرض التدريجي للمواقف المثيرة للقلق تساعد الشخص على كسر حاجز القلق والخوف شيئاً فشيئاً، ومن ثم يستعيد ثباته الانفعالي تجاه تلك الأفعال ويتمكن من تعديل ردود الفعل الانفعالية والسلوكية تجاهها.
استراتيجية جدولة المهام والأنشطة
يؤدي الانخراط في أعراض الاكتئاب والاستسلام لها إلى فقدان الشغف والطاقة والركون إلى التسويف والمماطلة، ويساعد تحقيق الإنجازات اليومية على تحسن الحالة النفسية والشعور بتقدير الذات وأهميتها، ومن ثم فإن جدولة بعض الأنشطة وتحديد وقت محدد لها، والالتزام بتنفيذها يعد ضمن الاستراتيجيات الفاعلة في تحسين حالة المريض وتحفيزه وإعادة الشغف والاهتمام إليه.
استراتيجيات الاسترخاء والتأمل
تعد تقنيات الاسترخاء بمختلف أنواعها من أهم طرق التخفيف من الشعور بالضغوط والتوتر، والتمتع بحالة من الهدوء والسلام النفسي والأريحية، والتي تعتمد على التأمل أو تمارين التنفس العميق أو تمارين التحرر من الأفكار السلبية والسماح لها بالخروج من العقل اللاواعي إلى العقل الواعي ثم تقبلها والتصالح معها ومن ثم مغادرتها دون أن تكلف الشخص مزيداً من المقاومة أو الصراع.
لذلك فلا يكاد يخلو العلاج السلوكي لأي من الاضطرابات النفسية والعقلية المختلفة من تلك التقنيات، التي تساهم بفاعلية كبيرة في تقليل أعراض الاكتئاب والسيطرة عليها.
قد يهمك :- تريبوفوبيا ماذا تعني؟ وكيفية الشفاء نهائياً منها؟
استراتيجية تعلم واكتساب المهارات
من العوامل المعززة لفقدان الثقة بالنفس وعدم تقديرها افتقاد المهارات اللازمة لتحقيق النجاح أو التميز على مستوى الحياة العملية أو المهنية.
ومن ثم يتصاعد الشعور بالدونية ورفض الذات لذا فإن خطوة اكتساب مهارات جديدة أو تطوير المهارات الموجودة بالفعل لدى الشخص من شأنها أن تمنحه حالة رائعة من الشعور بالإنجاز واستعادة الحماس والإقبال على الاندماج في العمل، والسعي لتحقيق المزيد من النجاح والتألق.
استراتيجية التقريب المتتالي
وهذه الاستراتيجية تتعامل مع الشعور بصعوبة التغيير أو القيام بالمهام السلوكية التي يكلف بها المعالج المريض، وذلك عن طريق تكليفه بمهام بسيطة فيما تحتاجه من الوقت والمجهود، كأمثلة للمهام الأكبر أو كمراحل وأجزاء منها، ومن ثم يشعر المريض بالتشجيع ويدرك سهولة تلك المهام ويقبل على تنفيذها بحماس وثقة أكبر.
استراتيجية التخيل
وهي تعتمد على تحفيز خيال المريض وتحريضه على تصور تفاصيل لمواقف سلبية ليقوم المعالج بمراقبة ردود فعله الانفعالية والسلوكية تجاهها، وعلى الجانب الآخر يطلب من المريض تخيل مواقف وتفاصيل إيجابية ومحببة إلى النفس ليقوم أيضاً بمراقبة ردات فعله الانفعالية والسلوكية تجاهها.
يدرك المريض بعد تلك التجارب التخيلية إلى أي مدى تؤثر أفكاره على مشاعره، وإلى أي مدى يمكنه التحرر من قيود الانفعالات السلبية فقط بمجرد تغيير نمط أفكاره واستبدال ما يسبب له القلق والتوتر بأفكار بناءة وداعمة.
استراتيجية اليقظة الرياضية
وهي مستوحاة من الطقوس البوذية وتهدف إلى تمكين الأشخاص من السيطرة على الهوس بالأفكار السلبية والمؤذية، وتوجيه انتباههم إلى الأفكار الإيجابية المبنية على إدراك الواقع وفهم ملابساته.
اقرا المزيد :- علاج الاكتئاب في المنزل بأحدث الطرق الفعالة وبدون أدوية
هل العلاج السلوكي يعالج الاكتئاب؟
أثبتت التجارب العلاجية الحديثة أن العلاج السلوكي يؤثر بصورة كبيرة جداً في علاج الاكتئاب، لدرجة أنه يمكن أن كافياً في بعض حالات الاكتئاب الخفيفة والمتوسطة ويغني عن العلاجات الدوائية، وذلك في حال رغبة المريض في العلاج والتعاون الفعال مع المعالج، حيث يقع عبء العلاج السلوكي على المريض بصورة أساسية.
ما فائدة الاستراتیجیات السلوكیة لادارة الاكتئاب؟
تتمثل فوائد الاستراتیجیات السلوكیة لادارة الاكتئاب في تقديم حلول فعالة للأعراض المرتبطة بالأفكار والسلوكيات والتي قد تمثل مجموع الأعراض التي تعاني منها بعض الحالات، ويمكن استعراض تلك الفوائد بشيء من التفصيل في النقاط التالية:
- يساعد على تخفيف أعراض اليأس والغضب.
- يقلق بشكل فعال من خطر الانتكاس مرة أخرى.
- يقي من نوبات الاكتئاب الحادة التي يتعرض لها بعض المرضى.
قد يهمك :- أعراض الاكتئاب المتوسط والخفيف وأسبابه وعلاجه
كيف أعالج نفسي من الاكتئاب؟
يستطيع الإنسان أن يعالج نفسه ذاتياً من اضطراب الاكتئاب في مراحله الأولى والخفيفة، عن طريق التوعية الذاتية. والانتباه لإدارة سلوكياته واتباع التقنيات الحديثة الخاصة بتخفيف الضغوط والسيطرة عليها، والتي باتت متوفرة بسهولة على مواقع الإنترنت، لكن غالبية الحالات تحتاج إلى تدخل متخصص حيث يتطلب الأمر التحرك في أكثر من اتجاه علاجي.
وأخيراً نكون قد وصلنا إلى نهاية مقالنا حول الاستراتیجیات السلوكیة لادارة الاكتئاب ومدة فاعليتها في تحقيق تحسن ملحوظ لدى الكثير من الأشخاص الذين يعانون من اضطراب الإدمان.
المصادر :-