اكتئاب ما بعد الولادة

اكتئاب ما بعد الولادة: استعيدي حياتك من جديد

نشر

اكتئاب ما بعد الولادة، والمعروف أيضًا بالاكتئاب التالي للولادة، هو حالة صحية نفسية خطيرة تصيب العديد من النساء بعد ولادة أطفالهن. يتجاوز هذا الاكتئاب ما يُعرف بـ “كآبة النفاس” التقليدية ويمكن أن يؤثر بشكل كبير على صحة الأم النفسية، علاقتها مع مولودها الجديد، وحياتها الأسرية. على عكس “كآبة النفاس” التي عادةً ما تزول في غضون أسابيع قليلة، يمكن أن يستمر اكتئاب ما بعد الولادة لعدة أشهر إذا لم يُعالج، ويتطلب تدخلاً مهنيًا. يهدف هذا المقال إلى استكشاف تعريف اكتئاب ما بعد الولادة، أسبابه، أعراضه، تأثيره على الحياة، وطرق البحث عن العلاج، مستندًا إلى مصادر علمية موثوقة مثل المعاهد الوطنية للصحة (NIH) ومنظمة الصحة العالمية (WHO). خذي أول خطوة نحو السعادة والراحة النفسية مع جلسة خاصة للتغلب على اكتئاب ما بعد الولادة. لأنك تستحقين حياة أفضل وسعادة دائمة، دعينا نساعدك في استعادة توازنك وطمأنينتك.

ما هو اكتئاب ما بعد الولادة

يُعد اكتئاب ما بعد الولادة نوعًا من اضطرابات المزاج التي تحدث بعد ولادة الطفل. يتميز بمشاعر الحزن العميق، اليأس، وعدم الاستقرار العاطفي، والتي يمكن أن تؤثر بشدة على قدرة الأم على رعاية نفسها ومولودها. وفقًا للمعاهد الوطنية للصحة (NIH)، فإن اكتئاب ما بعد الولادة يختلف عن “كآبة النفاس” الأكثر شيوعًا، وهي حالة مؤقتة تصيب ما يصل إلى 80% من الأمهات الجدد. تتضمن كآبة النفاس تقلبات مزاجية، وسرعة الغضب، والبكاء، لكنها تزول خلال أسبوعين دون الحاجة إلى تدخل طبي. أما اكتئاب ما بعد الولادة، فهو أكثر حدة ويستمر لفترة أطول، وغالبًا ما يتطلب علاجًا مهنيًا لإدارة الحالة.

وفقًا لمنظمة الصحة العالمية (WHO)، يمكن أن يبدأ اكتئاب ما بعد الولادة خلال الأسابيع القليلة الأولى بعد الولادة، ولكنه قد يظهر أيضًا في وقت لاحق يصل إلى عام بعد الولادة. ويُقدر أن يصيب ما بين 10-20% من النساء على مستوى العالم، مما يجعله واحدًا من أكثر مضاعفات الولادة شيوعًا. وعلى الرغم من انتشاره، فإن العديد من الحالات تظل غير مُشخَّصة أو غير معالجة بسبب الوصمة الاجتماعية، أو قلة الوعي، أو الحواجز التي تحول دون الحصول على الرعاية النفسية.

ما أسباب اكتئاب ما بعد الولادة

السبب الدقيق لاكتئاب ما بعد الولادة غير مفهوم بالكامل، ولكنه يُعتقد أنه ناتج عن مزيج من العوامل الجسدية، العاطفية، والبيئية. فيما يلي بعض الأسباب الرئيسية:

  • التغيرات الهرمونية

    بعد الولادة، تعاني النساء من تغيرات هرمونية كبيرة، خاصة انخفاض حاد في مستويات هرموني الإستروجين والبروجسترون. يمكن أن تؤثر هذه التقلبات الهرمونية على كيمياء الدماغ، مما يؤدي إلى تغيرات في المزاج وأعراض اكتئابية. بالإضافة إلى ذلك، قد تنخفض مستويات هرمون الغدة الدرقية بعد الولادة، مما يسبب التعب والاكتئاب وعدم الاستقرار العاطفي.

  • الإجهاد العاطفي

    يُعد التحول إلى الأمومة تغييرًا كبيرًا في الحياة، ويمكن أن تسهم المسؤولية الكبيرة المتمثلة في رعاية مولود جديد في الإجهاد العاطفي. قد تؤدي مشاعر النقص أو الشعور بالذنب أو الفشل في تلبية توقعات الأمومة العالية إلى تعزيز اكتئاب ما بعد الولادة. كما يمكن أن يؤدي نقص النوم والإرهاق الجسدي وصعوبة التواصل مع الطفل إلى تفاقم هذه المشاعر.

  • تاريخ من مشاكل الصحة النفسية

    النساء اللواتي يعانين من الاكتئاب أو القلق قبل الحمل أو أثناءه يكنّ أكثر عرضة لتطوير اكتئاب ما بعد الولادة. كما أن تاريخ الاكتئاب التالي للولادة في حالات الحمل السابقة يزيد من احتمال تكرار الحالة.

  • نقص الدعم الاجتماعي

    يمكن أن يؤدي العزلة الاجتماعية، أو المشاكل في العلاقات، أو نقص الدعم العاطفي من الأسرة والأصدقاء إلى الشعور بالوحدة واليأس. وتؤكد منظمة الصحة العالمية (WHO) على أهمية وجود شبكات اجتماعية قوية ودعم من الشريك في الحد من خطر اكتئاب ما بعد الولادة.

  • المضاعفات أثناء الحمل أو الولادة

    النساء اللواتي يعانين من مضاعفات أثناء الحمل أو الولادة، مثل الولادة المبكرة أو الجراحة القيصرية الطارئة أو ولادة طفل يعاني من مشاكل صحية، يكنّ أكثر عرضة لخطر الإصابة باكتئاب ما بعد الولادة. يمكن أن يسهم الإجهاد والصدمة الناتجة عن هذه التجارب في الضيق العاطفي.

  • الضغوط المالية والبيئية

    يمكن أن تزيد الصعوبات الاقتصادية، وعدم الاستقرار الوظيفي، أو العيش في بيئة غير آمنة أو غير داعمة من ضعف المرأة أمام اكتئاب ما بعد الولادة. كما يمكن أن تؤدي الظروف الحياتية المجهدة، مثل وفاة شخص عزيز أو الانتقال إلى منزل جديد، إلى تفاقم أعراض الاكتئاب.

ما أعراض اكتئاب ما بعد الولادة

يظهر اكتئاب ما بعد الولادة بشكل مختلف لدى كل امرأة، ولكن الأعراض الشائعة تشمل:

  • الحزن المستمر واليأس

    الشعور بالحزن العميق، أو الفراغ، أو اليأس معظم اليوم، كل يوم تقريبًا، هو أحد الأعراض المميزة لاكتئاب ما بعد الولادة. قد تجد النساء صعوبة في الاستمتاع بالأنشطة التي كانت تستمتع بها سابقًا، بما في ذلك قضاء الوقت مع مولودهن الجديد.

  • التعب ونقص الطاقة

    على الرغم من أن الأمهات الجدد غالبًا ما يشعرن بالتعب بسبب قلة النوم، فإن التعب الشديد ونقص الدافع قد يشير إلى اكتئاب ما بعد الولادة. قد تكافح بعض النساء للخروج من السرير أو إتمام المهام اليومية.

  • القلق وسرعة الانفعال

    تعاني العديد من النساء المصابات باكتئاب ما بعد الولادة من زيادة القلق، غالبًا ما يكون مرتبطًا بالخوف الزائد على صحة المولود وسلامته. وتشمل الأعراض الأخرى التقلبات المزاجية وسرعة الانفعال.

  • صعوبة التواصل مع الطفل

    يعتبر صعوبة التواصل مع المولود الجديد من أكثر الأعراض إيلامًا في اكتئاب ما بعد الولادة. قد تشعر الأم بعدم الارتباط بطفلها أو بأنها ليست أماً جيدة، مما قد يؤدي إلى مشاعر الذنب أو الخجل.

  • تغيرات في الشهية وأنماط النوم

    قد تعاني بعض النساء من تغييرات كبيرة في الشهية، سواء بتناول كميات كبيرة من الطعام أو فقدان الاهتمام بالطعام تمامًا. وبالمثل، قد يعانين من الأرق أو النوم لفترات طويلة.

  • مشاعر الذنب أو انعدام القيمة

    تعاني العديد من النساء المصابات باكتئاب ما بعد الولادة من مشاعر عدم الكفاءة أو انعدام القيمة أو الذنب. قد يشعرن أنهن يفشلن كأمهات أو أنهن لا يستحققن السعادة.

  • أفكار عن إيذاء النفس أو الانتحار

    في الحالات الشديدة، يمكن أن يؤدي اكتئاب ما بعد الولادة إلى أفكار عن إيذاء النفس أو الانتحار. تحتاج هذه الأفكار إلى تدخل فوري من المتخصصين، لأنها تشير إلى أزمة صحية نفسية خطيرة.

حجز جلسة نفسية مع نفسي اونلاين
نفسي اونلاين – جلسة نفسية

ما تأثير اكتئاب ما بعد الولادة على الحياة

يمكن أن يكون لاكتئاب ما بعد الولادة تأثيرات بعيدة المدى على الأم، والطفل، والأسرة. بدون علاج، يمكن أن تؤثر الحالة على مختلف جوانب الحياة:

  • التأثير على الأم

    يمكن أن يؤثر اكتئاب ما بعد الولادة غير المعالج على قدرة الأم على رعاية نفسها وطفلها. قد تشعر بأن المهام البسيطة مثل إطعام، واستحمام، وارتداء الملابس للمولود مرهقة للغاية. قد تهمل الأمهات صحتهن الخاصة، مما يؤدي إلى إرهاق بدني وعاطفي أكبر. كما يمكن أن يؤثر اكتئاب ما بعد الولادة على العلاقات الشخصية، خاصة مع الشريك، مما يؤدي إلى مشاكل في الزواج أو الشعور بالعزلة.

  • التأثير على الطفل

    تشير الأبحاث إلى أن اكتئاب ما بعد الولادة يمكن أن يؤثر على تطور الطفل، خاصة في مجالات التعلق العاطفي والتطور المعرفي. قد يصبح الأطفال مزعجين، ويصعب تهدئتهم، أو يعانون من مشاكل في التغذية والنوم إذا كانت الأم تعاني من الاكتئاب.

  • التأثير على الاسرة

    يمكن أن يخلق اكتئاب ما بعد الولادة توترًا داخل الأسرة، حيث قد لا يفهم أفراد الأسرة مدى خطورة الحالة. قد يشعر الأشقاء بالإهمال، وقد يشعر الشريك بالانفصال أو الإرهاق بسبب زيادة المسؤوليات.

كيف اطلب المساعدة لعلاج اكتئاب ما بعد الولادة

إذا كنتِ تعانين من اكتئاب ما بعد الولادة أو تعتقدين أنك قد تكونين مصابة به، من المهم جدًا أن تطلبي المساعدة في أقرب وقت ممكن. امنحي نفسك فرصة للتعافي واستعادة حياتك من جديد. احجزي جلسة نفسية متخصصة في علاج اكتئاب ما بعد الولادة تساعدك على تخطي التحديات والعودة إلى التوازن والراحة النفسية. لأن صحتك النفسية تهمنا.هناك العديد من الموارد المتاحة للمساعدة في التعافي، وتتضمن ما يلي:

  • التحدث إلى الطبيب

    أول خطوة هامة هي التحدث إلى الطبيب أو أخصائي الرعاية الصحية. يمكن لطبيب الأسرة أو طبيب النساء والتوليد تشخيص اكتئاب ما بعد الولادة وتوجيهك إلى العلاج المناسب. في بعض الحالات، قد يُحيلك الطبيب إلى أخصائي في الصحة النفسية، مثل معالج نفسي أو طبيب نفسي، للحصول على دعم إضافي.

  • العلاج النفسي (العلاج بالكلام)

    يُعد العلاج النفسي، مثل العلاج السلوكي المعرفي (CBT) أو العلاج النفسي بين الأشخاص، من الطرق الفعالة في علاج اكتئاب ما بعد الولادة. يساعد العلاج النفسي في تحديد الأفكار السلبية وأنماط السلوك غير الصحية وتغييرها، كما يقدم دعمًا عاطفيًا ويساعد الأمهات على تطوير استراتيجيات للتعامل مع الحالة.

  • العلاج الدوائي

    في بعض الحالات، قد يوصي الطبيب بالأدوية المضادة للاكتئاب كجزء من خطة العلاج. تُعد مضادات الاكتئاب آمنة بشكل عام خلال فترة الرضاعة الطبيعية، لكن يجب دائمًا استشارة الطبيب قبل تناول أي دواء. يساعد العلاج الدوائي في تحقيق التوازن الكيميائي في الدماغ وتحسين المزاج.

  • دعم الأسرة والأصدقاء

    يُعد وجود نظام دعم قوي من الأسرة والأصدقاء أمرًا بالغ الأهمية في التعافي من اكتئاب ما بعد الولادة. مشاركة مشاعرك مع شريكك أو أحد أفراد الأسرة المقربين يمكن أن يخفف من الشعور بالعزلة، كما يمكن أن يوفر الراحة والدعم اللازمين.

  • المجموعات الداعمة

    هناك العديد من المجموعات الداعمة المحلية والإلكترونية التي تجمع النساء اللواتي يمررن بتجارب مشابهة. يمكن أن توفر هذه المجموعات بيئة آمنة ومشجعة للتحدث عن مشاعرك وتلقي النصائح والمشورة من الأمهات الأخريات.

  • العناية بالنفس

    يمكن أن تساعد الأنشطة التي تعزز العناية بالنفس في تحسين الحالة المزاجية وتقليل التوتر. من المهم أن تحاولي الحصول على وقت للراحة، وتناول الطعام الصحي، وممارسة الرياضة بانتظام. حتى الأنشطة البسيطة مثل المشي في الهواء الطلق أو أخذ قسط من الراحة يمكن أن تكون مفيدة.

الوقاية والتعامل مع اكتئاب ما بعد الولادة

الوعي باكتئاب ما بعد الولادة والاعتراف به هو الخطوة الأولى نحو الوقاية منه والتعامل معه بفعالية. إذا كنتِ حاملًا أو تفكرين في الحمل، يمكن أن تساعد بعض الاستراتيجيات الوقائية في تقليل خطر الإصابة باكتئاب ما بعد الولادة:

  • الإعداد العاطفي للأمومة

    من المفيد أن تأخذي وقتًا للتحدث مع شريكك أو أفراد الأسرة المقربين حول التحديات العاطفية المحتملة التي قد تواجهينها بعد الولادة. التفكير في طرق للتعامل مع التحديات يمكن أن يخفف من الشعور بالارتباك عند وصول المولود.

  • تحديد شبكة دعم

    تأكدي من وجود أشخاص يمكنك الاعتماد عليهم للدعم العاطفي والعملي بعد الولادة. يمكن أن تشمل هذه المجموعة الأصدقاء، الأسرة، أو حتى مقدمات الرعاية المحلية.

  • الحصول على الدعم المهني المبكر

    إذا كنتِ قد مررتِ بتجربة اكتئاب سابقة أو تعانين من مشاكل نفسية خلال الحمل، فمن المهم الحصول على الدعم النفسي في وقت مبكر. قد يكون الطبيب النفسي أو المعالج قادرًا على مساعدتك في تطوير استراتيجيات للتعامل مع التوتر ومنع تطور الاكتئاب.

الخاتمة

يُعد اكتئاب ما بعد الولادة تحديًا نفسيًا خطيرًا يمكن أن يؤثر على الأمهات الجدد بشكل كبير. إذا تُرك دون علاج، فإنه يمكن أن يؤثر على الأم، الطفل، والأسرة بشكل عام. من المهم أن نتذكر أن اكتئاب ما بعد الولادة حالة قابلة للعلاج، ويمكن أن تؤدي العلاجات النفسية والدعم الدوائي إلى تحسن كبير في حياة الأمهات. إذا كنتِ تعانين من أعراض اكتئاب ما بعد الولادة، فلا تترددي في البحث عن المساعدة من متخصصي الرعاية الصحية، والاعتماد على الدعم العائلي، والانضمام إلى المجموعات الداعمة. العلاج والشفاء ممكنان، والحصول على المساعدة يمكن أن يحقق تغييرًا إيجابيًا في حياتك وحياة أسرتك.

المراجع:

Postpartum Support International: https://www.postpartum.net

اخر مقالات

علاج السمنة يبدا من العلاج النفسي
غير مصنف
علاج السمنة يبدا من العلاج النفسي
التغلب علي القلق و الافكار السلبية
غير مصنف
التغلب علي القلق و الافكار السلبية
تغلبي علي اكتئاب فترة الحمل
غير مصنف
اكتئاب فترة الحمل: تغلبي علي اكتئاب فترة الحمل
اضطراب الشخصية الحدية :ساعد نفسك مع نفسي اونلاين
غير مصنف
اضطراب الشخصية الحدية :ساعد نفسك مع نفسي اونلاين
العنف الالكتروني: كيف تحمي ابنك من عنف الانترنت
غير مصنف
العنف الالكتروني: كيف تحمي ابنك من عنف الانترنت

مقالات ذات صلة

علاج السمنة يبدا من العلاج النفسي
غير مصنف
علاج السمنة يبدا من العلاج النفسي
التغلب علي القلق و الافكار السلبية
غير مصنف
التغلب علي القلق و الافكار السلبية
تغلبي علي اكتئاب فترة الحمل
غير مصنف
اكتئاب فترة الحمل: تغلبي علي اكتئاب فترة الحمل