إضطراب الهوية التفارقي| الأسباب والأعراض وطرق العلاج
فى الكثير من الأحيان يمكن أن يكون قد خطر على سمعنا مرض نفسى يُعرف بأسم إضطراب الشخصية المتعددة، أو إضطراب الهوية التفارقي، والذى قد يكون خطيراً لدرجة أنه يمكن أن يؤثر على الحياة اليومية للمريض بل ويصل الأمر إلى تحديد علاقته وحالته العقلية بمن حوله، وطريقة تعامله مع الآخرين.
ما هو إضطراب الهوية التفارقي؟
يُعرف إضطراب الهوية التفارقي بأنه إضطراب نفسى وعقلى يتسبب فى ظهور إثنتين أو أكثر من الشخصيات بشكل متناوب والتى تسيطر على العقل داخل الشخص ذاته، حيث يؤدى شعور الأشخاص الذين قد يتعاملون معه بأنهم يتعاملون مع عدة أشخاص بهويات مختلفة وصفات متعددة فى شخص واحد فقط.
ولا يستطيع المريض أن يتذكر المعلومات التي يمكن تذكرها بسهولة في أكثر الأحيان، كالأحداث اليومية، أو بعض المعلومات الشخصية الهامة، والأحداث الصعبة والمؤلمة التى قد مر بها فى حياته بشكل عام.
وقد يظهر اضطراب الهوية التفارقي نتيجة التربية الخاطئة للمريض خلال مراحل طفولته، حيث يؤدى عدم اندماج الطفل مع أقرانه إلى عدم اكتسابه للخبرات والتجارب، مما يؤدى إلى ظهور هوية وشخصية متماسكة واحدة، وتظهر هويتان أو أكثر داخل الطفل، وتؤدي إلى ثغرات فى ذكرياتهم فى المعلومات الشخصية الهامة، أو الأحداث اليومية، و إصابته بأعراض قلق واكتئاب.
ما هي أنواع اضطراب الهوية التفارقي؟
لإضطراب الهوية التفارقي نوعان معروفان لدى أطباء الأمراض النفسية والعصبية، واللذان قد يكونا على النحو التالى:
- النوع الاستحواذي، وفيه تظهر الهويات المختلفة داخل الشخص كما لو كانوا كأشخاص آخرين يسيطرون على الشخص، حيث قد يشعر الناس الذين يتعاملون مع المريض بأنه هناك شخص آخر يسيطر على المريض فى تعاملاته، حيث يتحدث المريض بشكل معين، ويتصرف على نحو معين تماماً عن الطريقة التى يعتاد عليها الناس، حيث يمكن أن تكون غير مناسبة على الإطلاق للمحيط الثقافي والديني والأخلاقي للمريض.
- النوع الغير استحواذي، والتى تصبح أقل وضوحاً للأشخاص الآخرين، حيث يشعر المريض بتغير مفاجئ فى شعوره الذاتى، وقد يشعر كما لو أنه يراقب كلامه الخاص، وعواطفه وأفعاله، عكس النوع الإستحواذى والتى يشعر فيها بأنه مُسيطر عليه من قبل شخص آخر خارجه.
ما هى أسباب حدوث إضطراب الهوية التفارقي؟
كعادة الأمراض النفسية، فإن اضطراب الهوية التفارقي يعتبر مجهول الأسباب، ولكن قد يرجع الأطباء سبب الإصابة نتيجة عوامل معينة، والتى قد تكون أبرزها هو معاناة المريض في مرحلة طفولته لصدمة نفسية حادة، كالإساءة إليه، أو الإهمال، أو تعرضه للعنف الجسدي أو العاطفي أو حتى الإعتداء الجنسى، أو الإصابة بمرض خطير.
وبعد ذلك ينمو الطفل ليتعلم الإندماج مع الشخصيات المختلفة داخله، والتي تتطور بمرور الوقت بالعديد من الخبرات والمعلومات فى هوية متماسكة ومعقدة فى شخصية واحدة، ويتسبب ذلك فى إنفصاله عن الذكريات والمفاهيم والعواطف المختلفة عن التجارب التى قد مر بها فى حياته.
وعلى مدار الوقت، قد تظهر على الشخص بوادر الهروب والفرار من سوء المعاملة عن طريق الإبتعاد، وفصل نفسه وشخصيته عن البيئة المحيطة به والتى قد تكون قاسية وعدوانية عليه، وإنكفائه على نفسه، وإستخدام كل مرحلة أو تجربة مؤلمة لإنتاج هوية منفصلة ومختلفة عن الأخرى داخله.
أما إذا ما تم الإهتمام بهؤلاء الأطفال بشكل جيد وتربيتهم بشكل أفضل بما فيه الكفاية، فإنهم يصبحون أقل عرضة للإصابة بمرض اضطراب الهوية التفارقي.
ما هي أهم أعراض إضطراب الهوية التفارقي؟
يعتبر إضطراب الهوية التفارقي مرض نفسى مزمن، وقد يتسبب فى ظهور علامات العجز على المريض، ولكن على الرغم من ذلك قد يصبح أداء المريض جيد جداً فى حياته، وقد يكون مبدعاً أو خلاقاً ومنتجاً بشكل كبير.
وقد تظهر علامات مرضية دالة على الإصابة باضطراب الهوية التفارقي، والتى نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر ما يلى:
- فقدان فى الذاكرة، حيث يؤدي اضطراب الهوية التفارقي إلى ظهور ثغرات حادة فى ذاكرة المريض فى أحداث حياته السابقة، وقد يصل الأمر إلى عدم تذكره لفترات زمنية معينة خلال مراحل المراهقة والطفولة، أو بعض الذكريات لأحداث حياته اليومية والحالية ومهاراته المكتسبة، مثل استخدامه للكمبيوتر وبعض المعلومات الشخصية عن نفسه.
- تعدد الهويات، وفيها قد يبدو واضحاً وسهل الوضوح للمحيطين بالمريض ظهور علامات تعدد الهويات بشكل مختلف فى المريض، حيث يتحدث المريض ويتصرف بطرق متعددة كما لو أن هناك شخصاً آخر أو كائن ما قد استحوذ عليه، أو قد يكون الأمر غير واضحاً للأشخاص المحيطين بالمريض، وقد يتصرف الشخص بنوع من الانفصال عن الشخصية، حيث يشعر وكأنه يشاهد نفسه داخل فيلم، أو أنه يشاهد شخص آخر مختلف عنه، ويتصرف بناءاً على ذلك بنوع من عدم السيطرة التامة على أنفسهم.
- أعراض آخرى، وفيها قد يصف المريض مجموعة من الأعراض المرضية التى تتشابه مع اضطرابات الصحة النفسية أو الجسدية الآخرى، مثل الإحساس بالصداع الحاد، أو آلام متفرقة فى أنحاء الجسم، أو العجز الجنسى، أو مشاعر القلق والإكتئاب، وقد يصل الأمر إلى إيذاء النفس، بل ومحاولة وتنفيذ بعض الأفكار الإنتحارية، بالإضافة إلى الهلاوس السمعية والبصرية.
ومن الضروري معرفة أنه يمكن أن تظهر بعض الأعراض وتختفي من تلقاء نفسها، ولكن مرض اضطراب الهوية التفارقي لا يختفي من تلقاء نفسه.
حيث يعتمد مدى التعافي من هذا المرض على السمات الشخصية والأعراض المرضية على المريض، وعلى مدة ونوعية العلاج الذي قد يتلقاه.
يفيدك أيضًا الإطلاع على:
- التحدث مع طبيب نفسي اون لاين
- دكتور نفسي اونلاين
- دواء فافرين | دواعي الاستعمال والآثار الجانبية
- إضطراب الشخصية الاعتمادية| الأسباب والأعراض وطرق العلاج
- ما هى أهم إستخدامات ودواعي إستعمال دواء سيروكسات وأبرز أعراضه الجانبية؟
كيف يمكن علاج إضطراب الهوية التفارقي؟
يمكن علاج مرض اضطراب الهوية التفارقي عبر عدة طرق، والتى نذكر منها الآتي:
- العلاج النفسي، وفيه يتم توفير وسائل تعمل على تحقيق الاستقرار فى المشاعر والعواطف الحادة، وخلق علاقات تفاوضية بين الهويات المتعددة، إلى جانب العمل على التخفيف من آثار الذكريات المؤلمة والصادمة فى حياة المريض، وحمايته من الإيذاء، وإنشاء علاقة جيدة بين الطبيب النفسي والمريض.
- الأدوية والعقاقير، حيث يتم إستعمال بعض المهدئات والأدوية التي تعمل على التخفيف من الأعراض التي قد ترافق اضطراب الهوية التفارقي، ولكن ينبغي العلم أنه لا تتسبب فى التعافى من المرض نفسه، إنما هى فقط تقوم بالتقليل من حدة الأعراض المصاحبة له فقط.
- طرق أخرى، وفيها يقوم الأطباء بالعمل على مساعدة المرضى على تهدئة أنفسهم وتغير وجهة نظرهم عن الحياة والأحداث التى كانوا قد مروا بها، وإزالتها بشكل تدريجى من الذاكرة كأحد أبرز الذكريات المؤلمة فى عقل المريض، وتحفيز الشخص على وصوله لهويته الحقيقية والطبيعية، والقيام بتسهيل التواصل بين الهويات المتعددة داخله، والسيطرة على التحولات فى الإنتقال فيما بينهم.
المصادر: